409
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.نَسمَعُ لا نَقْوى به على البَصَر ، ولكنَّه أخبَرَ أنّه لا يَخفى عليه شيءٌ من الأصواتِ ، ليس على حدِّ ما سُمِّينا نحنُ ، فقد جَمَعنا الاسمَ بالسمع واخْتَلَفَ المعنى .
وهكذا البصر لا بِخَرْتٍ منه أبْصَرَ ، كما أنّا نُبصِرُ بخَرْتٍ منّا لا نَنْتَفِعُ به في غيره ، ولكنَّ اللّه َ بصيرٌ لا يَحتَمِلُ شخصا منظورا إليه، فقد جمعنا الاسمَ واخْتَلَفَ المعنى .
وهو قائم ، ليس على معنى انتصابٍ وقيامٍ على ساقٍ في كبدٍ كما قامَتِ الأشياءُ ، ولكن قائمٌ يُخبِرُ أنّه حافظٌ ، كقول الرجلِ : القائم بأمرنا فلان ، واللّه ُ هو القائمُ على كلّ نفسٍ بما

كما ذهب إليه المشّاؤون ومن يحذو حَذْوَهم كما كان في حديث البيضة دلالة عليه.
وقوله: (وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام ۱ على ساق في كَبَدٍ).
«الانتصاب» يشمل ۲ الحيوان وغيره. و «القيام على ساق» مختصّ بالحيوان. و«الكَبَد» ـ بالتحريك ـ : الشدّة والمشقّة.
وقوله: (قائم يخبر أنّه حافظ ۳ . . . ) إشارة إلى المعاني التي يطلق عليها القائم في كلام الناس حقيقةً أو مجازا، وأطلق القائم عليه سبحانه باعتبارها كما يقال: (القائم بأمرنا فلان) أي الذي يحفظه ويضبطه ويُحصيه، فلا يفوته شيء من اُمورنا وأحوالنا، ولا يخفى عليه شيء منها، ولا يتركها غيرَ منضبطة عنده ۴ فلانٌ ۵ . واستعماله مع الباء لتضمين معنى العلم، أو الاهتمام، و ۶ إذا استعمل بلفظ القائم يستعمل بالباء، وإذا استعمل بلفظ الحافظ يستعمل بلا صلة، أو باللام، فالقائم بمعنى الحافظ المحصي يطلق عليه سبحانه.
وأيضا فالقائم في كلام الناس يستعمل بمعنى الباقي والدائم، يقال: أقام ۷ الشيء، أي أدامه وأبقاه، وهذا من استعمالاته الشائعة بين الناس، المحفوظةِ في كتب اللغة،

1. في «خ»: «أو قيام».

2. في «ل»: «يشتمل».

3. في «خ» : «حافظه» .

4. في «ل»: «عند».

5. قوله: «فلان» خبر لقوله: «الذي».

6. في «ت» : «أو» .

7. في «خ»: «فلان أقام».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
408

۰.لعلمٍ حادثٍ ؛ إذ كانوا فيه جَهَلَةً ، وربّما فارَقَهم العلمُ بالأشياء ، فعادوا إلى الجهل ، وإنّما سُمِّيَّ اللّه ُ عالما لأنّه لا يَجْهَلُ شيئا ، فقد جَمَعَ الخالقَ والمخلوقَ اسمُ العالم ، واخْتَلَفَ المعنى على ما رأيتَ .
وسُمِّيَ ربُّنا سميعا لا بِخَرْتٍ فيه ، يَسمَعُ به الصوتَ ولا يُبصِرُ به ، كما أنّ خَرْتَنا الّذي به

وقوله: (كما أنّا لو رأينا) أي كما أنّا لو رأينا (علماء الخلق) ولاحظناهم رأيناهم (إنّما سُمّوا بالعلم لعلم حادث ۱ ) . أو المعنى كما أنّا لو رأينا علماء الخلق رأيناهم بهذا الحال، فيكون قوله: «إنّما سُمّوا بالعلم» استئنافا لبيان المخالفة بين جهة التسمية بالعلم فيهم وجهة التسمية بالعلم فيه سبحانه.
وقوله: (إذ كانوا فئةً ۲
جَهَلَةً) لبيان مسبوقيّة علمهم بالجهل، وعدمِ لزومه لهم بعد حصوله وصحّة مفارقته عنهم، فربّما فارقَهم وعادوا إلى الجهل، فيكون معنى قوله: «إذ كانوا فئة جهلة» إذ كانوا قبل علمهم فئةً جهلةً.
ولا يبعد أن يكون المراد بكونهم جهلةً خلوّهم في أنفسهم عن مناط الانكشاف، فهم بذواتهم ـ مع قطع النظر عن الحالة المغايرة الطارئة ـ جهلةٌ. ويكون قوله: (وربّما فارقهم العلم) بيانا لخلوّهم في أنفسهم عن العلم.
وفي بعض النسخ مكانَ قوله: «فئة» «فيه» بحرف الإضافة والضمير، أي كانوا في حال العلم الحاصل لهم جَهَلَةً خاليةً عن مناط الانكشاف بذواتهم.
قوله : (وسمّي ربّنا سميعا لا بِخَرْتٍ فيه يسمع به الصوت).
«الخرتُ» ـ ويضمّ ـ : الثقب في الأُذن وغيرها.
وقوله: (ولكنّ اللّه بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه) أي لا يقبل مثاله، ولا ينطبع صورة المرئيّ وشبحه فيه. وفيه الدلالة على أنّ الإبصار إنّما يكون بالانطباع

1. في حاشية «ت، خ، م»: لمّا كان الخلق حادثا، لم يكن حدوث العلم واضح الدلالة على كونهم جهلة بذواتهم، فاحتاج إلى البيان بقوله: «وربما فارقهم». (منه دام ظلّه العالي).

2. في الكافي المطبوع: «فيه» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6170
صفحه از 672
پرینت  ارسال به