405
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.وابتلاهم إلى أن يَدْعوه بها ، فسَمَّى نفسَه سميعا ، بصيرا ، قادرا ، قائما ، ناطقا ، ظاهرا ، باطنا ، لطيفا ، خبيرا ، قويّا ، عزيزا ، حكيما ، عليما وما أشْبَهَ هذه الأسماء ، فلمّا رأى ذلك من أسمائه القالونَ المكذِّبونَ ـ وقد سَمِعونا نُحَدِّثُ عن اللّه أنّه لا شيءَ مثلُه ولا شيءَ من الخلق في حاله ـ قالوا: أخْبِرونا ـ إذا زَعَمْتم أنّه لا مِثْلَ للّه ولا شِبْهَ له ـ كيفَ شارَكْتُموه في أسمائه

والمراد بقوله: «إقرار العامّة» إذعانُهم، أو الإثبات.
وعلى الأوّل متعلّق الإذعان إمّا «معجزة الصفة» بحذف الصلة، أو محذوفٌ، أي إقرار العامّة بأنّه خالق كلّ شيء، و«معجزة الصفة» صفة للإقرار، أو بدل عنه، أي إقرار العامّة بأنّه خالق كلّ شيء معجزةُ الصفة، أي صفة الخالقيّة لكلّ شيء، أو صفة القِدم لا يسع أحدا أن ينكره.
وعلى الثاني فمعجزة الصفة مفعولُ الإقرار، أو صفة للإقرار، أو بدل عنه والمفعول محذوف، وعلى تقدير كونه مفعولاً فمعجزة الصفة من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي الصفة التي هي معجزة لهم عن أن لا يثبتوا له خالقيّةَ كلّ شيء، أو المعجزة بمعناه المتعارف، والإضافة لاميّة، أي إثباتهم الخالقيّةَ للكلّ معجزة هذه الصفة؛ حيث لا يسعهم أن ينكروها وإن أرادوا الإنكار.
ويحتمل أن يكون «معجزة الصفة» فاعل «بانَ»، ويكونَ قوله: «أنّه لا شيء قبل اللّه » بيانا أو بدلاً لمعجزة الصفة.
قوله: (ثمّ وصف نفسه تعالى) أي ثمّ اعلم أنّه وصف نفسه تعالى، أو ثمّ بعدما كان قديما أزليا وصف نفسه تعالى (بأسماءٍ) محدَثةٍ (دعا الخلقَ بعد خلقهم وتعبُّدِهم) وإلزامهم العبوديّةَ (وابتلائهم) وامتحانهم بالأمر والنهي والتكاليف (إلى أن يدعوه بها، فسمّى نفسه) بهذه الأسماء، فلمّا رأى الغالون المجاوزون في عباد اللّه عن مرتبتهم المكذّبون لأهل الحقّ من أسمائه ذلك، أي وَصْفَه تعالى نفسه بها (وقد سمعونا نُحدّث) ونحكي (عن اللّه أنّه لا شيء مثله) ومشاركه في الحقيقة (ولا شيء من الخلق) يشاركه (في حاله) اعترضوا و (قالوا: أخبرونا إذا زعمتم أنّه


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
404

۰.ولا شيءَ معه في دَيْمومِيتِه ، فقد بانَ لنا بإقرار العامّة مُعجِزَةُ الصفةِ أنّه لا شيءَ قبلَ اللّه ، ولا شيءَ مع اللّه في بقائه ، وبَطَلَ قولُ مَن زَعَمَ أنّه كانَ قبلَه ، أو كانَ معه شيءٌ ، وذلك أنّه لو كانَ معه شيءٌ في بقائه لم يَجُزْ أن يكونَ خالِقا له ؛ لأنّه لم يَزَلْ معه ، فكيف يكونُ خالِقا لمن لم يَزَلْ معه ، ولو كانَ قبلَه شيءٌ كانَ الأوّلَ ذلك الشيءُ لا هذا ، وكانَ الأوَّلُ أولى بأن يكونَ خالِقا للأوَّل . ثمَّ وَصَفَ نفسَه ـ تبارك وتعالى ـ بأسماءٍ دَعا الخَلْقَ إذ خَلَقَهم وتَعَبَّدَهم

لكون كلّ شيء مخلوقا له؛ لأنّ كلّ شيء سواه ممكن، وكلّ ممكن إنّما يوجَد بايجاب خالق له يخرجه من العدم إلى الوجود، وينتهي لا محالة إلى الواجب .
أو نقول: لايصحّ الإيجاب إلاّ من الواجب لذاته، والمخلوق متأخّر الوجود عن مبدئه، ووجود المعلول كما هو متأخّر بالحدوث عن وجود الخالق متأخّر بالبقاء عنه؛ لأنّ نفس وجود المعلول صادر عن العلّة، والحدوثَ والبقاءَ من أحواله اللاحقة به، وهذا معنى قوله: (وذلك أنّه لو كان معه شيء في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له لأنّه لم يزل معه ۱ ولو كان قبله شيء كان الأوّل ذلك الشيء لا هذا، وكان الأوّل) أي ما فرض أنّه قبله (أولى بأن يكون خالقا للأوّل) أي الواجب الوجود السرمدي.
وأمّا قوله: (فقد بان لنا بإقرار العامّة معجزة الصفة) فبيان لخالقيّته لكلّ شيء بما يناسب أفهام العامّة من أنّ إقرار العامّة ـ أي كلِّ الناس ـ بأنّه سبحانه خالق كلّ شيء ، وأنّه لم يسعهم إنكاره كما قال سبحانه « وَ لَـلـءِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ » ۲ يدلّ على خالقيّته لكلّ شيء، وأنّ مقدّمات بيانها ظاهرة لا يضرّها تشكيك المشكّكين، وإذا كان خالقا لكلّ شيء، فلا شيء قبله ولا شيء معه.
واكتفى بهذا عن تفصيل بيانها؛ لغَناء العلماء عن التفصيل، وعدمِ انتفاع العوامّ والمبتدئين بالتفصيل، بل ربما ينفتح لهم به أبواب الشُبه والشكوك التي لا يسع الوقتُ لرفعها وإزالتها.

1. في الكافي المطبوع: + «فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه».

2. الزخرف (۴۳): ۸۷ .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6224
صفحه از 672
پرینت  ارسال به