۰.فقال أبوعبداللّه عليه السلام : «ويحه، أما عَلِمَ أنّ الجسمَ محدودٌ مُتناهٍ، والصورة محدودةٌ متناهيةٌ، فإذا احتَمَلَ الحدَّ احْتَمَلَ الزيادةَ والنقصانَ ، وإذا احتَمَلَ الزيادةَ والنقصانَ كانَ مخلوقا» . قال : قلتُ : فما أقولُ؟ قال : «لا جسمٌ ولا صورةٌ ، وهو مُجَسِّمُ الأجسامِ ومُصَوِّرُ الصُوَرِ ، لم يَتجزّأْ ولم يَتَناهَ ولم يَتَزايَدْ ولم يَتَناقَصْ ، لو كانَ كما يقولونَ لم يَكُنْ بينِ الخالقِ والمخلوقِ فرقٌ ، ولا بينَ المنشِئِ والمنشَأ ، لكن هو المنشئُ ، فَرْقٌ بينَ مَن جَسَّمَه وصَوَّرَه وأنْشَأَهُ ؛
والحقيقة القائمة بذاتها المتغايرة للأفعال من غير اعتبار التقدّر والتحدّد، وكذا جوابه عليه السلام بقوله: (أما علم أنّ الجسم محدود متناهٍ) فهو مخطئ في إطلاق الجسم على كلّ حقيقة قائمة بالذات ولو لم يكن ممّا يصلح للتقدّر والتحدّد، لا فيما ربما يُنسب إليه من تجويز التقدّر والتحدّد عليه سبحانه؛ فإنّه بريء عنه.
وقوله: (فإذا احتمل الحدّ احتمل الزيادة والنقصان) استدلالٌ على أنّ كلّ محتمل للحدّ مخلوقٌ بأنّه متقدّر، قابل للانقسام بأجزاء مشاركة في الاسم والحدّ، فله حقيقة كلّية غير متشخّصة بذاتها، ولا موجودة بذاتها، أو هو مركّب من أجزاءٍ حالُ كلّ واحد منها ما ذُكر، فيكون مخلوقا.
وقوله: (قلت: فما أقول ؟) أي فما التعبير والإطلاق الصحيح؟ والجواب أنّ الصحيح نفي الجسم والصورة عنه سبحانه، وإطلاق مُجسِّم الأجسام ومصوِّر الصور عليه.
وقوله: (لم يتجزّأ ولم يتناهَ ولم يتزايد، ولم يتناقص) إعادة للدليل على عدم صحّة إطلاق الجسم عليه.
وقوله: (لو كان كما يقولون) أي من يظنّ صحّة هذا الإطلاق والقولِ بعد معرفة معنى الجسم والصورة (لم يكن بين الخالق والمخلوق فرق، ولا بين المنشئ والمنشأ) أي يكون بحقيقته محتاجا، فيكون مخلوقا ومُنشَأً، لا خالقا ومُنشِئا على الإطلاق (لكن هو المنشئ) والخالق على الإطلاق، لا المُنشأ والمخلوق (فرَّق بين من جسّمه) أي بين من جسّمه ۱ (وصوّره وأنشأه) وبين من لم يُجسّمه ولم يصوّره،