۰.مُدرَكٍ بها ، تَحُدُّه الحواسُّ وتُمثّلُه ، فهو مخلوق ؛ إذ كان النفي هو الإبطالَ والعدمَ . والجِهةُ الثانية : التشبيهُ ؛ إذ كانَ التشبيهُ هو صفَةَ المخلوقِ الظاهرِ التركيبِ والتأليفِ ، فلم يكنْ بُدٌّ من إثبات الصانع لوجود المصنوعينَ والاضطرارِ إليهم أنّهم مَصنوعونَ ، وأنَّ صانعَهم غيرُهم وليس مثلَهم ؛ إذ كان مثلُهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد إذ لم يكونوا ، وتَنَقُّلِهِم من صِغَرٍ إلى كِبَرٍ ، وسوادٍ إلى بَياض ، وقوّة إلى ضعف ، وأحوالٍ موجودة لا حاجَةَ بنا إلى تفسيرها لبيانها و وجودها» .
قال له السائل : فقد حَدَّدْتَه إذ أثْبَتَّ وجودَه ، قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لم أحُدَّهُ ولكنّي أثْبَتُّهُ
قوله: (فلم يكن بدّ من إثبات الصانع لوجود المصنوعين ...) أي لابدّ من القول بثبوت صانع لتحقّق المصنوعين وثبوت الاضطرار لهم. فـ «إلى» في قوله: (والاضطرار إليهم) بمعنى اللام، أو بمعنى «من».
والمراد بالاضطرار إما شدّة الحاجة إلى الصانع غير المصنوع، أو اضطرار المصنوعين في الأفعال التي يجب استنادها إلى القادر المختار، حتّى يثبت الصانع بقدرته واختياره.
وقوله: (أنّهم مصنوعون...) تحرير للاستدلال على وجود الصانع الواجب الوجود المنزّه عن صفات المخلوقين ومشابهتهم بعد التنبيه على ما هو مناطه.
وخلاصة الاستدلال: أنّه لا شكّ في وجود المصنوعات، والمصنوعات بجملتها مصنوعةٌ محتاجة إلى صانع غير مصنوع لا يماثلهم فيما لا ينفكّ عن الاحتياج من التركيب في الذات، والتأليف عن الذات، والصفة، والخروج من العدم، والخلوّ عن الوجود إلى الوجود، والخروج من حال إلى حال، كالتنقّل من صغر إلى كبر، وسوادٍ إلى بياض، وقوّة إلى ضعف، وأحوال اُخَرَ لا حاجة إلى شرحها؛ لظهورها لنا وتحقّقها فينا.
وقوله: (فقد حدّدته إذْ أَثْبَتَّ وجوده) إيراد سؤالٍ على كونه موجودا بأنّ إثبات الوجود له يوجب التحديد ، إمّا باعتبار التحدّد بصفة هو الوجود، أو باعتبار كونه