267
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.بخلاف الأشياء ، ارْجِعْ بقولي إلى إثبات معنىً وأنّه شيءٌ بحقيقة الشيئيّة ، غير أنّه لا جسمٌ ولا صورةٌ ، ولا يُحَسُّ ولا يُجَسُّ ، ولا يُدرَكُ بالحواسّ الخمس ، لا تُدْرِكُهُ

وقوله: (ارجع بقولي إلى إثبات معنى) أي مقصودٍ باللفظ، (وأنّه شيء) أي المبدأ موصوف بالشيئية (بحقيقة الشيئية) أي هو موصوف بحقيقة الشيئية ۱ وإطلاق الشيء عليه بهذا الاعتبار، والشيء مساوٍ للموجود إذا اُخذ الوجود أعمَّ من الذهني والخارجي، وأعمَّ من الموجود العينيّ . ۲
والفرق بينهما أنّ المخلوط بالوجود هو الذي يصحّ انتزاع الوجود منه، سواء كان بتجريدها عن الوجود الخارجي أو بدونها، فالمخلوط بالوجود مطلقا من حيث الخلط شيء، وشيئيته كونه مهيّةً قابلة له صحيح الخلط به، والوجود هو المعنى البديهي المنتزع من الماهيّة المخلوطة به . فهنا مخلوط، وخلط، ومخلوط به، فالمخلوط كالقابل، والمخلوط به كالصفة، والخلط كالاتّصاف، وهو بما هو قابل ومنتزع منه شيءٌ، وبخلطه بالوجود موجودٌ . والشاهد على تغايرهما ـ كما ذكرناه ـ صحّة قولك: «شيءموجود»دون«موجودٌشيء»ولشدّه الاتّصال بين المعنيين وصعوبة التميز بينهما قال بعضٌ بالعينيّة، وقوم بالمساوقة ، وحقيقة الأمر ما أشرنا إليه.
والحاصل أنّه حقيقة من الحقائق ينتزع منه الوجود، لكن لا يصحّ تجريد حقيقته وتخليته في مرتبة من المراتب عن الوجود كما في الممكنات. وأشار إلى ذلك بقوله: (غير أنّه لا جسم ولا صورة) أي ليس مهيّةً من المهيّات المدركة لعقولنا ۳ التي ۴ [ هي] قابلة للتجريد عن الوجود الخارجي كالجسم [ و ]المادّة للصوّروالصور ۵ الحالّة فيها، ويندرج فيها كلّ الأُمور المتعلّقة بالمادّة وبالمتعلّق بها نحوا من التعلّق

1. في حاشية «ت» : أي ذاته محقّق الشيئية ومناطها، بخلاف الممكنات، فإنّ الشيئية الزائدة على ذاتها تكون محقّقة الشيئية ومناطها، وإطلاق الموصوف والصفة والاتّصاف وانتسابها إلى المبدأ على سبيل التجوّز .

2. في حاشية «ت» : تخصيص الموجود العيني بالذكر للإشارة إلى بطلان ما ذهب إليه جماعة من إنكار الوجود الذهني، وإلاّ فيفهم من قوله: «والشيءمساو للموجود إذا أخذ» أعمّيته من كلّ الموجود الذهني والعيني؛ فافهم.

3. في «خ ، ل» : «بعقولنا» .

4. في «ل» : - «التي» .

5. في «خ ، ل» : «للصورة والصورة» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
266

۰.قال هشام : فكان من سؤال الزنديق أن قال : فما الدليلُ عليه؟ فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «وجودُ الأفاعيل دَلَّتْ على أنَّ صانعا صَنَعَها ، ألاترى أنّك إذا نظرتَ إلى بناءٍ مُشَيَّدٍ مَبْنِيٍّ ، علمتَ أنّ له بانيا ، وإن كنتَ لم تَرَ البانِيَ ولم تُشاهِدْهُ» . قال : فما هو ؟ قال : «شيءٌ

قوله: (فما الدليل عليه؟).
لمّا بيّن عليه السلام أنّه لا يجوز تعدّد المبدأ الأوّل للعالَم، سأله السائل من الدليل على أنّ للعالم مبدأً، فأجابه عليه السلام بأنّ وجود الأفاعيل المحكمة المتقنة المتّسقة المنتظمة تدلّ على وجود صانع لها، ونبّه عليه السلام عليه بأنّك (إذا نظرت إلى بناء مشيّد) أي مطوّل أو مستحكم .
ولمّا كان البناء يستعمل لغير المبنيّ، أردفه بقول: «مبني» فإنّ الناظر إلى البناء المطوّل المستحكم العالي يعلم أنّ له بانيا ، وإن لم ير الباني ولم يشاهده .
قوله: (قال: فما هو؟ قال: شيء بخلاف الأشياء...).
السؤال عن حقيقته بالكنه، أو بوجه يتماز به عن جميع ما عداه . والجواب بيان الوجه الذي به الامتياز وهو وجه سلبي، أي كونُه غيرَ متّصف بصفات الحقائق المعلولة ومهيّاتها أصلاً، أو على نحو اتّصاف المعلولات بها، بل مخالفا إيّاها حتّى في الشيئيّة؛ فإنّ الشيئيّة لا يمكن انتزاعها منه انتزاعا يتجرّد عن الشيئيّة ۱ ولو في اللحاظ العقلي، بخلاف المهيّات المعلولة، فإنّها كما تصير في اللحاظ العقلي مجرّدة عن الوجود، وتُعقل غيرَ مخلوطة به، كذا تَجَرَّدُ ۲ في اللحاظ العقلي عن الشيئية، وتُعقل غيرَ مخلوطة به، فهو كما هو موجود بذاته، شيء بذاته، وهي كما أنّ وجودها بغيرها، شيئيّتُها بغيرها، ومطابقة الجواب على تقدير السؤال عن الكنه بأنّه جواب باستحالة المعرفة بالكنه، إنّما المتصوّر المعرفة بالوجه السلبي المميّز عن جميع الممكنات .

1. في حاشية «ت» : وإن كان ينتزع منه الشيئيّة بحسب المفهوم؛ لأنّ ذاته عين الشيئيّة ومناط انتزاعها منه، فلا يكون انتزاعها بعنوان التجرّد .

2. أي : تتجرّد .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6130
صفحه از 672
پرینت  ارسال به