۰.أو مفترقَيْن من كلّ جهة ، فلمّا رَأيْنا الخلقَ مُنتظِما ، والفَلَكَ جاريا ، والتدبيرَ واحدا، والليلَ والنهارَ والشمسَ والقمرَ ، دَلَّ صحّةُ الأمرِ والتدبيرِ وائتلافُ الأمر على أنَّ المدبِّرَ واحدٌ ، ثمّ يَلْزَمُك إن ادّعيتَ اثنين فُرْجَةٌ ما بينهما حتّى يكونا اثنين ، فصارت الفُرجَةُ ثالثا بينهما قديما
وإن كان يقدر على الكلّ، وفي هذا الشقّ (لا يخلو ۱ من أن يكونا متّفقين) أي في الحقيقة (كلّ جهة) ويلزم من هذا عدم الامتياز بالتعيّن؛ للزوم المغايرة بين الحقيقة و التعيّنين المختلفين، و استحالة استنادهما إلى الحقيقة واستحالة استنادهما إلى الغير، فيكون لهما مبدأ ۲ (أو) يكونا مختلفين (مفترقين من كلّ جهة) وذلك معلوم الانتفاء؛ فإنّا (لمّا رأينا الخلق منتظما، والفلك جاريا، والتدبير واحدا، والليل والنهار والشمس والقمر دلّ صحّة الأمر والتدبير، وائتلافُ الأمر على أنّ المدبّر واحد) لا اثنان مختلفان من كلّ جهة .
ثمّ ذلك المدبّر الواحد لا يجوز أن يكون واحدا بجهة من حيث الحقيقة، مختلفا بجهة اُخرى، فيكون المدبّر اثنين (ويلزمك إن ادّعيت اثنين فرجةٌ ما بينهما) لأنّ لهما وحدةً فلا يتمايزان إلاّ بمميّز فاصل بينهما (حتّى يكونا اثنين) لامتناع الاثنينيّة بلا مميّز بينهما .
و عبَّر عن الفاصل المميّز بالفرجة؛ حيث إنّ الفاصل بين الأجسام يعبَّر عنه بالفرجة، و اُولئك الزنادقة لم يكونوا يدركون غير المحسوسات تنبيها على أنّكم لاتستحقّون أن تخاطَبوا إلاّ بما يليق استعماله في المحسوسات. وذلك المميّز لابدّ أن يكون وجوديا داخلاً في حقيقة أحدهما؛ إذ لا يجوز التعدّد مع الاتّفاق في تمام الحقيقة كما ذكرنا .
ولا يجوز أن يكون ذلك المميّز ذا حقيقة يصحّ انفكاكها عن الوجود وخلوُّها