179
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.وقَدْرُ كلِّ امرئ ما يُحسِنُ ، فتَكَلّموا في العلم تَبَيَّنْ أقدارُكم» .

۱۵.الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن أبان بن عثمان ، عن عبداللّه بن سليمان ، قال :سمعتُ أبا جعفر عليه السلام يقول وعنده رجلٌ من أهل البصرة يقال له : «عثمان الأعمى» وهو يقول : إنَّ الحسنَ البصريّ يَزعُمُ أنَّ الذين يكتمونَ العلمَ يُؤذي ريحُ بطونهم أهلَ النار ، فقال أبو جعفر عليه السلام : «فهَلَكَ إذَنْ مؤمنُ آل فرعونَ ، ما زال العلمُ مكتوما منذُ بعث اللّه نوحا عليه السلام ، فليذهب الحَسَنُ يمينا و شمالاً ، فواللّه ما يوجد العلمُ إلاّ هاهنا» .

أي يعلمون. وهو يُحسن الشيءَ إحسانا: أي يعلمه، والشائع افتخار الأبناء بآبائهم، فهم أبناء ما يعلمون، أي ينبغي أن يكون افتخارهم به، أو المراد أنّه كما أنّ نظام حال الابن وصلاحه بالأب، كذا نظام حال الناس وصلاحهم بما يعلمونه، فهم أبناء ما يعلمون، والمعنى أنّ الافتخار وعدمَه، أو صلاحَ الحال وفساده بالعلم وعدمه، لا بالذمّ والمدح ۱ والثناء .
وقوله: (وقدر كلّ امرئ ما يحسن) أي مرتبته في العزّ والشرف ما يعلمه، وبظهور مراتبهم في العلم يظهر مراتبهم في العزّ والشرف (فتكلّموا في العلم) أي فتحدّثوا به وتباحثوا فيه (تبيّن) أي إن تكلّمتم في العلم تتبيّن و تتَّضح ۲ (أقداركم) .
قوله: (فهلك إذن مؤمن آل فرعون) بكتمانه إيمانَه ومعرفتَه باللّه .
والحاصل : أنّه كيف يكون الكتمان قبيحا موجبا للعقاب، وكان المؤمنون يكتمونه تقيّةً كمؤمن آل فرعون، وفي العلوم الحقيقيّة الفائضة من المبدأ على اُولي العزم مايُتّقى فيه عامّةُ الناس، ولا يجوز إظهارها بينهم .

1. في «ل» : «ولا بالمدح» .

2. في «ل» : «يتبيّن و يتّضح» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
178

۱۴.الحسين بن الحسن، عن محمّد بن زكريّا الغَلابيّ، عن ابن عائشة البصريّ، رفعه ، أنَّ أميرَ المؤمنين عليه السلام قال في بعض خُطَبه:«أيّها الناس، اعلَموا أنّه ليس بعاقل من انْزَعَجَ من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه ؛ الناس أبناءُ ما يُحسنونَ ،

ومن تركهم كان تاركا لما أمر صلى الله عليه و آله به من الأخذ عنهم، آخذا بما نهى أخْذَ دينه عنه من غير كتاب اللّه و عترته ، وهما لا يفترقان كما نصّ عليه بقوله: «لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوضَ» .
قوله: (ليس بعاقل من انزعج من قول الزور) أي من قلق و خرج عن مكانه من قول الزور، أي الكذب والمائل عن الحقّ، مدحا كان أو ذمّا (فيه) أو في عدوّه؛ لأنّه إذا كان فيه كمال ونفاه الكاذب، لم يحصل له به منقصة، ولم يحصل للنافي إلاّ منقصة واستحقاق للعذاب ، و إذا كان فيه منقصة ، لم يحصل له بإثبات الكمال من الكاذب الكمالُ، ولم يرفع ۱ به عنه المنقصة، وكذا في عدوّه، والعقل يمنع من الانزعاج بما يحكم بعدم ضرّه، وبما يحكم بعدم نفعه .
وقوله: (ولا بحكيمٍ مَن رضي بثناء الجاهل عليه) لأنّ الحكيم عارف بأسباب الأشياء ومسبّباتها، ويعرف أنّ التخالف وعدمَ التناسب يوجب التنافر في الطبائع، وأنّ الجاهل لا يميل إلاّ إلى مُشاكله، ۲ فلا يُثنِي إلاّ على الجاهل، أو من يعتقد جهله ومناسبته له، أو من يستهزئُ به باعتقاده، أو من يزيد أن يخدعه، والحكيم لا يرضى بشيء من ذلك ، فالحكمة لا تجامع الرضا بثناء الجاهل، والعقل لا يجامع الانزعاج من قول الزور، وبالرضا يعرف انتفاء الحكمة، وبالانزعاج انتفاء العقل .
قوله: (الناس أبناء ما يحسنون) أي ينبغي أن يكون افتخار الناس بما يحسنون ۳

1. في «م» : «لم يرفعه» .

2. في «خ» : «إلاّ بمشاكله» .

3. في حاشية «خ» : والأظهر الأوفق بما قبله أن يقال: إنّ الابن كما أنّه لا يعرف ولا يميّز إلاّ بأبيه، فيقال: فلان بن فلان، فكذلك كلّ امرئ لا يعرف ولا يتميّز عند العقلاء إلاّ بما يحسنه، فيقال: فلان الكاتب أو الشاعر أو الفقيه أو غير ذلك ممّا كان يحسن فعله وصنعته، فيجب أن يحسن الحكيم فعل ما يحبّ أن يمدح بفعله حتّى يكون محمودا ممدوحا به في نفس الأمر، لا في لسان الجاهلين الواصفين بالكذب (لراقمه خليل) .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6008
صفحه از 672
پرینت  ارسال به