145
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.ولم يَزدَدْ من اللّه إلاّ بُعدا» .

۵.محمّد بن يحيى، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سِنان، عن المفضّل بن عمرَ، عن أبيعبداللّه عليه السلام قال:قلتُ له: بِمَ يُعرَفُ الناجي؟ قال: «مَن كان فعلُه لقوله موافقا فأثْبِتْ له الشهادةَ ، ومَن لم يَكُنْ فعلُه لقوله موافِقا فإنّما ذلك مُستودَعٌ» .

والثاني: الجاهل بما يجب العلم به مع الإنكار، وهذا أسواُ حالاً من الأوّل .
والثالث: العالم به مع جحده، وهذا أسواُ حالاً منهما؛ فإنّ المعرفة في نفسها وإن كانت حسنة لكنّ الجحود بعدها من أقبح القبائح، والحالة الملتئمة منهما أسوأ حالاً من الملتئمة من الإنكار والجهل، ومن الجهل الصرف بكثير، ثمّ مراتب الجحود مختلفة .
فمنها: الجحد على الإطلاق، وهو الخالي عن كلّ وجه من وجوه الإقرار بعد العلم،وهو كفر مطلق في الربوبيّة، أو التوحيد، أو الرسالة، أو ما هو من ضروريّات الدين .
والثانية: الجحد بترك العمل مطلقا بعد الإقرار باللسان . وهذه كالأُولى في كونه كفرا مطلقا، وإنّما تجري في العمليّات .
والثالثة: الجحد بترك العمل ببعض من الضرويّات بعد الإقرار باللسان، وهذا ليس كفرا مطلقا، ۱ بل هو كفر به .
وقوله: (ولم يزدد من اللّه إلاّ بُعدا) أي من رحمته وثوابه ونيل ما عنده، وذلك لأنّ في الجحود من استحقاق العقاب والبُعد عن المغفرة والثواب أكثرَ ممّا في الجهل والترك، وفي الإنكار معهما .
قوله: (من كان فعله لقوله موافقا فأثبت له الشهادة) وفي بعض النسخ «فأبَتَّ له» بالباء الموحّدة قبل المنقوطة بنقطتين من البتّ . وسيذكر ۲ الذي هو عليه مقيم، أ نَفْعٌ له أم ضَرّ» قلت: فبِمَ يُعرف الناجي من هؤلاء جعلت فداك؟ قال: «من كان فعله لقوله موافقا، فأتت ۳ له الشهادة بالنجاة، ومن لم تكن فعله لقوله موافقا فإنّما ذلك مستودع» . ۴
فلا يبعد أن يكون هنا أيضا «فأتت» بالتاءين كما في ثَمّة .
أمّا على النسخة الأُولى فمعناه «من كان فعله لقوله موافقا» ـ أي لما يقول به ويعتقده، أو المراد من القول الكلام الحاكي عن الاعتقاد ـ «فإنّما له الشهادة» أي شهادة الشاهد بالنجاة، وهو موافقة الفعل للقول الدالّة على ثبوت الاعتقاد و رسوخِه واستقرارِه حتّى يوصله إلى النجاة، فدلّ بأداة الحصر على انحصار الشهادة له مؤكَّدة بتقديم الظرف . ومن لم يكن فعله لقوله و معتقده (موافقا فإنّما ذلك مستودع) أي اعتقاده كالوديعة عنده يؤخذ عنه ويسلب، ۵ أو المراد بالشهادة عدم غيبة المعرفة عن قلبه و حفظه لها، فيحصل النجاة بها .
وأمّا على الثانية «فأبتّ له الشهادة» أي فقطع له الشهادة ، أي حضورَ الاعتقاد وحفظَها عن الزوال والسلب عنه، أو المراد فقطع له شهادةَ شاهد النجاة بحفظ معرفته عن السلب والزوال .
وأمّا على موافقة ما في الحديث المنقول ثَمّة «فأتت له الشهادة بالنجاة» أي فجاءت وحصلت له شهادة شاهد النجاة، وهو موافقة الفعل للقول والاعتقاد بالنجاة، وظاهر أوّل الحديث على ما نقله ثمّة أنّ السؤال عمّن اعتقد الحقّ وقال به .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
144

۰.لم يَعمَلْ بعلمه زَلَّتْ موعظتُه عن القلوب كما يَزِلُّ المطرُ عن الصفا» .

۴.عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقريّ ، عن عليّ بن هاشم بن البَريد ، عن أبيه ، قال :جاء رجلٌ إلى عليّ بن الحسين عليه السلام فسَأَلَه عن مسائلَ فأجابَ ، ثمَّ عادَ ليَسْأَلَ عن مثلها ، فقالَ عليُّ بن الحسين عليه السلام : «مكتوبٌ في الإنجيل : لا تَطلُبوا علمَ ما لا تعلمون ولمّا تَعْمَلوا بما عَلِمتم ، فإنَّ العلمَ إذا لم يُعملْ به لم يَزدَدْ صاحبُه إلاّ كفرا ،

قوله: (إنّ العالم إذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته عن القلوب كما يزلّ المطر عن الصفا).
الموعظة: النهي عن الدخول في المحارم والمعاصي ـ فعلاً كان أو تركا ـ أو ذكرُ ما يليّن القلب من الثواب والعقاب، والمعنى: إذا لم يعمل العالم بمقتضى علمه، ونَهى عن ارتكاب ما ارتكبه من ترك العمل بعلمه أو ذَكَر الثواب والعقاب لتليين ۱ القلوب، لم يؤثّر نهيه أو ذكره ذلك في القلوب، إنّما يمسّها ويزلّ عنها كما يزلّ المطر عن الصفا.
والصفا: جمع صفاة، وهي الصخرة والحجر الأملس، فما كان من القلوب صوافيَ البواطن يُقبل على العمل؛ لما فيها من الرقّة والصفا لا بتأثير موعظته، وما كان قاسيةً كدرة، لا يستقرّ ۲ هذه الموعظة ولا تدخلها لتؤثّر، إنّما الاستقرار والدخول لموعظة العامل بعلمه .
قوله: (لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ولمّا تعملوا بما علمتم) أي إذا كان من شأن علمكم عدمُ التأثير فيكم، وعرفتم ذلك من أنفسكم بترك العمل بما علمتم، فالأصلح لكم ترك طلب العلم بما لا تعلمونه من الأعمال (لأنّ العلم إذا لم يُعمل به لم يزدد صاحبه إلاّ كفرا) أي جحودا، فإنّ ترك العمل مع العلم جحود وعدمُ إقرار بما عرفه وكفر به، والجاهل لا يلزمه الإنكار، ولا يكون منه الجحود.
فهاهنا ثلاث مراتبَ :
الأوّل: الجاهل بالجهل الصرف بدون إنكار. ۳

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6158
صفحه از 672
پرینت  ارسال به