53
الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)

وبالجري على قانون الشريعة «استخرج غور العقل» ، أي علم ما عند الجاري وما في غور عقله من درر الخير ولآلي الإيمان إلى غير ذلك ممّا هو من جند العقل ومن لوازمه، وبخلافه خلافه . واللّه سبحانه أعلم .

۰.قوله عليه السلام :وكان يقول : التفكّر حياة قلب البصير إلخ [ ص۲۸ ح۳۴ ]

يعني أنّ التفكر والتأمّل في الحوادث الواردة وتمييز الحقّ منها عن الباطل ، والخطأ من الصواب «حياة» ، أى محي لقلب البصير العاقل ، أي ذي البصيرة الثاقبة، وكون التفكّر حياة لقلبه أنّه باعث له وحامل إيّاه على سلوك طريق الحقّ وجادّة الصواب سلوكا كسلوك «الماشي في الظلمات بالنور» ، أي بذي النور من مشعل ونحوه مع «حسن التخلّص» من تلك الظلمات ، أي اجتناب العوالي والوِهاد والوَعِر والحزن . ۱ «وقلّة التربّص» والمكث ، أي إسراع الخروج من تلك الظلمات ؛ فإنّه وإن كان معه نور لكنّه لا يأمن بسلوك العوالي والوِهاد وطول المكث أن يطفئ ذلك النور الذي معه ، فيبقى حيرانا لا يدري أين يذهب ، كذلك العاقل البصير إذا وردت عليه الحوادث والشبه ولم يعمل الفكر في دفعها ولم يحسن التخلّص منها باجتناب طرق الضلالة والتمسّك بسفن النجاة ، ولم يسرع لذلك ، بل تأنّى بحيث يستولي الشبه على قلبه ، وتستحكم اللوابس في لبّه ، فإنّه لا يأمن بذلك أن يطفئ نور عقله ويخمد الهوى نبراس لبّه .
ففي الكلام تشبيه مفرد مقيّد بعدّة قيود بمفرد آخر مقيد بنظائرها ، والمشبّه عقليّ والمشبّه به حسّيّ ، فإنّه عليه السلام شبّه سلوك قلب العاقل البصير في ظلمات الشبه مع احتياله في رفعها والخروج منها بسلوك الماشي في الظلمات معه نور يهتدي به ويحسن التخلّص من تلك الظلمة ويقلّ التربّص فيها ، فقلب البصير نظير للماشي ،

1.الوِهاد جمع الوَهْدَة ، وهي الأرض المنخفضة . والوَعِر جمع الوَعْر وهو المكان الصُلب والمكان المخيف . والحَزْن من الأرض : ما غلُظ .


الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
52

۰.قوله عليه السلام :ومن كرم أصله [ ص۲۷ ح۲۹ ]

أي كانت طينته من فضل طينتنا .

۰.قوله عليه السلام :غلظ كبده [ ص۲۷ ح۲۹ ]

أي قسى قلبه .

۰.قوله عليه السلام :ومن فرّط تورّط [ ص۲۷ ح۲۹ ]

أي ضيّع الأحكام ولم يراع حدودها وقع في الورطة ، وهي ما لا نجاة منه .

۰.قوله عليه السلام :عن التوغل [ ص۲۷ ح۲۹ ]

أي الدخول .

۰.قوله عليه السلام :ومن لم يعلم لم يفهم إلخ [ ص۲۷ ح۲۹ ]

إذا حملت العلم المنفيّ هنا على التصديق بوجود الواجب تعالى ، والفهم على ما يتفرّع على ذلك العلم من التصديق بالرسالة والإمامة والأحكام الشرعية وما هو من هذا القبيل فالترتيب في الكلّ ظاهر لاخفاء فيه .

۰.قوله عليه السلام :ليس بين الإيمان والكفر إلاّ قلّة العقل [ ص۲۸ ح۳۳ ]

أي ليس بين الإيمان والكفر واسطة إلاّ قلّة العقل ، وأراد بالإيمان الكامل الذي يأتي وصفه في كتاب الإيمان ، لا الإيمان الذي إذا خرج عنه الإنسان لم تجر عليه أحكام المسلمين ، فلا إشكال في الحديث .

۰.قوله عليه السلام :بالعقل استخرج غور الحكمة إلخ [ ص۲۸ ح۳۴ ]

الغور : قعر البحر ونحوه ، ففي الكلام استعارة مكنيّة ، فإنّه شبّه في النفس الحكمة ـ وهي علم الشرائع ـ بالبحر البعيد الغور ثم أثبت لها الغور تخييلاً . هذا على رأي صاحب التلخيص ، وأمّا على رأي السكّاكي وقدماء البيانيين فتقريره بوجه آخر كما لا يخفى ، والمعنى أنّه بالعقل استخرج ما في غور الحكمة من لطائف درّ ۱ العبارات وغرائب لآلي القربات، ولو كان ذلك الاستخراج بالأخذ عن ينابيع الحكمة وأهل بيت النبوّة ، فإنّ رتبهم إنّما علمت بالعقل، ثمّ عكس وقال : «وبالحكمة» ، أي

1.كتب فوقها في النسخة لفظة «كذا» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: سيد بدر الدين بن أحمد الحسيني العاملي؛ گردآوری: سيد محمّد تقي الموسوي؛ تحقیق: علي الفاضلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2985
صفحه از 352
پرینت  ارسال به