أي سورة ألم نشرح ، فقال اللّه عزّ وجلّ : «فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَ إِلَى رَبِّكَ فَارْغَب » ۱ فاحتجّ عليهم حين اُعلم بموته ونعيت إليه نفسه ، ففي الكلام تقديم وتأخير .
۰.قوله عليه السلام :يقول : فإذا فرغت فانصب علمك [ ص۲۹۴ ح۳ ]
قال علي بن إبراهيم : «فإذا فرغت من حجّة الوداع فانصب أمير المؤمنين» وأورد روايةً اُخرى : «فإذا فرغت من نبوّتك» . ۲ والأوّل أنسب بما هنا ، فإنّ قوله عليه السلام : من كنت [ مولاه إلخ ] ، كان في يوم الغدير .
ثمّ لا يخفى أنّ هذا التفسير إنّما هو للمراد من مجموع الكلام المكني عنه لا لِلفظِه ، كما إذا قيل : زيد كثير الرماد ، فيقال : جواد ، وليس ذلك معنى لفظ من ألفاظه وإنّما هو لازم، فكذلك نصب عليّ عليه السلام إماما لازم للنصب الخاصّ ، وهو حمل النفس على تحمّل الأذى ممّن وقع منهم النفاق والذين كان يضيق بهم صدره عليه السلام ، فكنى سبحانه بالملزوم وهو النصب عن لازمه وهو نصب الإمام ، فلا يرد أنّ «فانصب» الذي في القرآن مفتوح العين من النصب بفتحها وهو التعب ونصب الإمام بسكون العين والأمر منه مكسورها ، فكيف يفسّر أحدهما بالآخر ؟!
وأمّا قول صاحب الكشّاف : «إنّ هذا من بدع التفاسير، وإنّه إذا صحّ ذلك للرافضي فيصحّ للناصبي أن يقول : معناه فانصب العداوة لعليّ» ۳ ، فكلام ناش عن عمي البصيرة ، وجارٍ على لسان العصبيّة؛ أعاذنا اللّه من أمثاله .
۰.قوله عليه السلام :عَلَمَك [ ص۲۹۴ ح۳ ]
أي علم اُمّتك ، أي هاديهم ، فإنّهم كثيرا مّا يشبّهون الهادي بالعلم، وهو الجبل العالي .