179
الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)

وبعض الناظرين في الكتاب صحّح قوله : «حيّن» بـ«حيّر» من الحيرة وجعله الظاهر وقال : وعلى هذا يندفع الإشكال الوارد من أنّ هذا ممّا يوهم الإعانة على هلاك النفس ، وأيّده بقوله تعالى : «أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ» ۱ قال : وهذا يجري في دفع التوهّم المذكور في قصّة جميع الأئمة عليهم السلام . انتهى . وأنت قد عرفت الاستغناء عنه بما تقدّم ؛ واللّه أعلم .

۰.قوله عليه السلام :فيها حيتان [ ص۲۶۰ ح۶ ]

كان وجود الحيتان في تلك القناة في ذلك الوقت كان من جملة ما نصب له صلوات اللّه عليه من الدلائل على وفاته، فلمّا سأل مسافرا عنه وكان مولاه فأخبره به قال عليه السلام : وهنا علامة اُخرى، وهي أنّي رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى آخره .

باب أنّ الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون . . .

۰.قوله :عن خمسمائة حرف [ ص۲۶۲ ح۵ ]

أي مسألة .

باب جهات علوم الأئمة عليهم السلام

۰.قوله عليه السلام :وراثة [ ص۲۶۴ ح۲ ]

أي نرثه وراثة .

۰.قوله عليه السلام :أَوَ ذاك [ ص۲۶۴ ح۲ ]

الهمزة للاستفهام الإنكاري ، والواو للعطف ، وذاك اسم إشارة والمشار إليه هو العلم السابق الذي أخبر عليه السلامأنّه موروث ، والمعطوف عليه محذوف ، والتقدير : ألا يجتمع هذا العلم الذي هو قذف في القلوب ونكت في الآذان وذاك العلم الأوّل ، أي يجتمعان ، وحذفُ المعطوف عليه بعد حرف الاستفهام شائعٌ عندهم ، مستفيضٌ فيما بينهم ، منه قولُ الشاعر :
أَوَ كلّما وردتْ عُكاظَ قبيلهٌبعثوا عليّ عرِّيفَهم يتَوسَّمُ ۲
حاشية أُخرى : والصواب أن يقال : إنّ «أو» في قوله : «أو ذاك» ، ساكنة وإنّها «أوْ» التي للتقسيم ، والتقدير : علمنا هذا الذي زعمت أنّه يقذف في القلوب وينكت في الآذان أو ذاك الذي هو الموروث . وقد جاء في صحيح البخاري في باب آنية المجوس والميتة نظير لهذا، وهو ما رواه عن سلمة بن الأكوع قال : لمّا أمسوا يوم فتح خيبر أوقَدُوا النيرانَ ، قال النبي صلى الله عليه و سلم : «على ما أوقَدْتم هذه النيرانَ؟» قالوا : لحوم الحمر الإنسيّة . قال : «أهرِيقوا ما فيها ، وكسّروا قدورَها» فقام رجل من القوم فقال : نُهرِيقُ ما فيها ، ونَغسِلها، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : «أو ذاك» ۳ انتهى .
وهذه اللفظة مضبوطة في نسخ البخاري المصحّحة أوْ ذاك ، أي يفعل بها الذي قلتَه أنت من الإهراق والغسل ، أو ذاك الذي قلتُه أنا من الإهراق والتكسير .
واعلم أنّها في عبارة الكتاب حيث كانت في الخبر يحتمل التقسيم والإبهام ، وأمّا في حديث البخاري فهي للتخيير قطعا ؛ واللّه أعلم .

1.الأنفال (۸) : ۲۴ .

2.البيت لطريف بن تميم العنبري كما في الأنساب للسمعاني ، ج۱ ، ص۴۷ ، وفي تفسير القرطبي ، ج۱۰ ، ص۴۳ ، في تفسير الآية ۷۵ من سورة الحجر ، وفيهما : «بعثوا إليّ» .

3.صحيح البخاري ، كتاب الذبائح ، باب آنية المجوس ، ح۵۴۹۶ (فتح الباري ، ج۹ ، ص۶۲۲) .


الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
178

ما علمه أمير المؤمنين عليه السلام من أنّ ابن مُلجم قاتله «ممّا لم يحن»، أي يحضر وقت «تعرّضه» ، أي التحرّز منه ، فإنّ التعرض للعلم بوقوع مكروه لا معنى إلاّ التحرز منه ، فقد استعمل «يحن» التي هي للدلالة على زمن الجواز فيه من باب واسأل القرية ، فأجابه عليه السلام بأنّ «ذلك» ، أي علمه بقتله في تلك الليلة «كان؛ ولكنّه حيّن»، أي وقِّت وقرّر فيما أمره اللّه به ، «في تلك الليلة» ، فما كان يجوز له التحرز «لتمضي مقادير اللّه » فيه ، وليس في هذا إعانة على إهلاك نفسه إنّما يكون الإعانة حيث لا يكون مأمورا بعدم التحرز وقد كان .
ومما هو صريح في هذا ما رواه الصدوق رضى الله عنه في عيون أخبار الرضا عليه السلام من أنّه لمّا نقل الكاظم عليه السلام من دار الفضل بن الربيع إلى الفضل بن يحيى البرمكي قدّمت إليه مائدة من الفضل بن يحيى في الليلة الرابعة، فرفع يده إلى السماء وقال : «يا ربّ إنّك تعلم أنّي لو أكلت قبل هذا اليوم كنت قد أعنت على نفسي» فأكل فمرض ثم توفّي عليه السلام. ۱
فإن قلت : فعلى هذا ينبغي أن لا يكون القاتل مأثوما .
قلت : إنّما يكون ذلك أن لو لم يكن القتل منهيّا عنه وقد كان ، ومثل هذا واقع في شريعة الإسلام، مثل رجل ادّعى زوجيّة امرأة فأنكرت هي ، فإنّه مأمور بالوط ء والنفقة مع أمرها بالامتناع من إطاعته حتّى لو طاوعته لحُدَّتْ .
فإن قلت : فلأيّ شيء قاتل الحسين عليه السلامولم يتسلّم .
قلت : لأنّه كان مأمورا بذلك كما نطقت به الأخبار كما سيأتي في بابه أنّه كان مأمورا بأن يقاتل حتى يقتل .
والحاصل : بعد ثبوت إمامتهم عليهم السلاموعصمتهم فاللائق بحال المؤمن السكوت عن البحث عن العلّة في أفعالهم وأقوالهم صلوات اللّه عليهم .

1.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج۱ ، ص۹۹ ، باب ۸ ، ح۱۰ .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: سيد بدر الدين بن أحمد الحسيني العاملي؛ گردآوری: سيد محمّد تقي الموسوي؛ تحقیق: علي الفاضلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3031
صفحه از 352
پرینت  ارسال به