اليَومَ يَغفِرُ اللّٰه لَكُم و هوَ أرحَمُ الرّاحِمينَ).^۱ ثُمَّ أمَرَهُم بِالِانصِرافِ إلى يَعقوبَ، و قالَ لَهُم:(اذهَبوا بِقَميصی هَذا فَالقوهُ عَلى‏ وَجهِ أبی يَأتِ بَصيراً و أتونی بِأهلِكُم أجمَعينَ).^۲ فَهَبَطَ جَبرَئيلُ عَلى يَعقوبَ فَقالَ: يا يَعقوبُ، ألا أُعَلِّمُکَ دُعاءً يَرُدُّ اللّٰه عَلَيکَ بِهِ بَصَرَکَ و يَرُدُّ عَلَيکَ ابنَيکَ؟ قالَ: بَلى، قالَ: قُل ما قالَهُ أبوکَ آدَمُ فَتابَ اللّٰه عَلَيهِ، و ما قالَهُ نوحٌ فَاستَوَت بِهِ سَفينَتُهُ عَلى الجودیّ و نَجا مِنَ الغَرَقِ، و ما قالَهُ أبوکَ إبراهيمُ خَليلُ الرَّحمَنِ حينَ أُلقیَ فی النّارِ فَجَعَلَهُ اللّٰه عَلَيهِ بَرداً و سَلاماً، فَقالَ يَعقوبُ: و ما ذاکَ يا جَبرَئيلُ؟ فَقالَ: قُل: «يا رَبِّ أسألُکَ بِحَقِّ محمّد و عَلیٍّ و فاطِمَةَ و الحَسَنِ و الحُسَينِ أن تاتينی بيوسُفَ و ابنِ يامينَ جَميعاً، و تَرُدَّ عَلَیَّ عَينَیَّ». فَما استَتَمَّ يَعقوبُ علیه السلام هَذا الدُّعاءَ حَتّى جاءَ البَشيرُ فَألقى قَميصَ يوسُفَ عَلَيهِ (فارتَدَّ بَصيراً)،^۳ فَقالَ لَهُم: (أ لَم أقُل لَكُم إنّی أعلَمُ مِنَ اللّٰه ما لا تَعلَمونَ * قالوا يا أبانا استَغفِر لَنا ذُنوبَنا إنّا كُنّا خاطِئينَ * قالَ سَوفَ أستَغفِرُ لَكُم رَبّی إنَّهُ هوَ الغَفورُ الرَّحيمُ)^۴.^۵

۱ / ۲

عیسی بن مریم۷

۱ / ۲ / ۱

إحیاء المیّت

(وَ رَسولاً إلى‏ بَني‏ إسرائيلَ أنّی قَد جِئتُكُم بِآيَةٍ مِن رَبِّكُم أنّی أخلُقُ لَكُم مِنَ الطّينِ کَهَيئَةِ الطَّيرِ فَانفُخُ فيهِ فَيَكونُ طَيراً بِإذنِ اللّٰه و أُبرِئُ الأكمَهَ و الأبرَصَ و أُحیِ المَوتى‏ بِإذنِ اللّٰه و أُنَبِّئُكُم بِما تاكُلونَ و ما تَدَّخِرونَ في‏ بُيوتِكُم إنَّ في‏ ذلِکَ لايَةً لَكُم إن كُنتُم مُؤمِنينَ). [آل عمران (۳): ۴۹]

عَلِمتُم ما جِئنا لِنُفسِدَ فی الأرضِ و ما كُنّا سارِقينَ)،^۱ و كانَ الرَّسمُ فيهِم و الحُكمُ أنَّ السّارِقَ يُستَرَقُّ و لا يُقطَعُ،(قالوا فَما جَزاؤُهُ إن كُنتُم كاذِبينَ * قالوا جَزاؤُهُ مَن وُجِدَ فی رَحلِهِ فَهوَ جَزاؤُهُ کَذلِکَ نَجزیالظّالِمينَ * فَبَدأ بِأوعيتِهِم قَبلَ وِعاءِ أخيهِ ثُمَّ استَخرَجَها مِن وِعاءِ أخيهِ)،^۲ فَحَبَسَهُ، فَقالَ إخوَتُهُ لَمّا أصابوا الصّواعَ فی وِعاءِ ابنِ يامينَ: (إن يَسرِق فَقَد سَرَقَ أخٌ لَهُ مِن قَبلُ فَأسَرَّها يوسُفُ فی نَفسِهِ و لَم يُبدِها لَهُم قالَ أنتُم شَرٌّ مَكاناً و اللّٰه أعلَمُ بِما تَصِفونَ * قالوا يا أيُّها العَزيزُ إنَّ لَهُ أباً شَيخاً کَبيراً فَخُذ أحَدَنا مَكانَهُ إنّا نَراکَ مِنَ المُحسِنينَ * قالَ: مَعاذَ اللّٰه أن ناخُذَ إلّا مَن وَجَدنا مَتاعَنا عِندَهُ إنّا أذاً لَظالِمونَ * فَلَمّا استَيأسوا مِنهُ خَلَصوا نَجيّاً قالَ کَبيرُهُم ألَم تَعلَموا أنَّ أباكُم قَد أخَذَ عَلَيكُم مَوثِقاً مِنَ اللّٰه و مِن قَبلُ ما فَرَّطتُم فی يوسُفَ فَلَن أبرَحَ الأرضَ حَتّى ياذَنَ لی أبی أو يَحكُمَ اللّٰه لی و هوَ خَيرُ الحاكِمينَ * ارجِعوا إلى‏ أبيكُم فَقولوا يا أبانا إنَّ ابنَکَ سَرَقَ و ما شَهِدنا إلّا بِما عَلِمنا و ما كُنّا لِلغَيبِ حافِظينَ * و سْئَلِ القَريَةَ الَّتی كُنّا فيها و العيرَ الَّتی أقبَلنا فيها و إنّا لَصادِقونَ).^۳ فَلَمّا رَجَعوا إلى أبيهِم قالوا ذَلِکَ لَهُ، قالَ: إنَّ ابنی لا يَسرِقُ (بَل سَوَّلَت لَكُم أنفُسُكُم أمراً فَصَبرٌ جَميلٌ عَسى اللّٰه أن ياتينَی بِهِم جَميعاً إنَّهُ هوَ العَليمُ الحَكيمُ)،^۴ ثُمَّ أمَرَ بَنيهِ بِالتَّجهيزِ إلى مِصرَ. فَساروا حَتّى أتَوا مِصرَ، فَدَخَلوا عَلى يوسُفَ و دَفَعوا إلَيهِ كِتاباً مِن يَعقوبَ يَستَعطِفُهُ فيهِ و يَسألُهُ رَدَّ وَلَدِهِ عَلَيهِ، فَلَمّا نَظَرَ فيهِ خَنَقَتهُ العَبرَةُ و لَم يَصبِر حَتّى قامَ فَدَخَلَ البَيتَ فَبَكى ساعَةً ثُمَّ خَرَجَ إلَيهِم، فَقالوا لَهُ:(يا أيُّها العَزيزُ مَسَّنا و أهلَنا الضُّرُّ و جِئنا بِبِضاعَةٍ مُزجاةٍ، فَأوفِ لَنا الکَيلَ و تَصَدَّق عَلَينا إنَّ اللّٰه يَجزی المُتَصَدِّقينَ)،^۵ فَقالَ لَهُم يوسُفُ: (هَل عَلِمتُم ما فَعَلتُم بيوسُفَ و أخيهِ إذ أنتُم جاهِلونَ * قالوا أ إنَّکَ لأنتَ يوسُفُ قالَ: أنا يوسُفُ و هذا أخی قَد مَنَّ اللّٰه عَلَينا إنَّهُ مَن يَتَّقِ و يَصبِر فَإنَّ اللّٰه لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنينَ * قالوا تاللّٰه لَقَد آثَرَکَ اللّٰه عَلَينا و إن كُنّا لَخاطِئينَ * قالَ: لا تَثريبَ عَلَيكُمُ