مِن قُلوبِهِم، و کَيفَ يَكونُ الِاستِخلافُ و التَّمكينُ و بَدَلُ الخَوفِ بِالأمنِ مِنّی لَهُم مَعَ ماكُنتُ أعلَمُ مِن ضَعفِ يَقينِ الَّذينَ ارتَدّوا و خُبثِ طينَتِهِم، و سوءِ سَرائِرِهِمُ الَّتی كانَت نَتائِجَ النِّفاقِ و سُنوحَ الضَّلالَةِ، فَلَو أنَّهُم تَسَنَّموا مِنّی مِنَ المُلکِ الَّذی أُوتیَ المُؤمِنينَ وَقتَ الِاستِخلافِ إذا أهلَكتُ أعداءَهُم، لَنَشَقوا رَوائِحَ صِفاتِهِ و لاستَحکَمَت سَرائِرُ نِفاقِهِم، و تَأبَّدَت حِبالُ ضَلالَةِ قُلوبِهِم، و لَكاشَفوا إخوانَهُم بِالعَداوَةِ و حارَبوهُم عَلى طَلَبِ الرِّئاسَةِ و التَّفَرُّدِ بِالأمرِ و النَّهیِ، و کَيفَ يَكونُ التَّمكينُ فی الدّينِ و انتِشارُ الأمرِ فی المُؤمِنينَ مَعَ إثارَةِ الفِتَنِ و إيقاعِ الحُروبِ، کَلّا فَ(اصنَعِ الفُلکَ بِأعيُنِنا و وَحيِنا)،۱ قالَ الصّادِقُ علیه السلام: و کَذَلِکَ القائِمُ علیه السلام، فإنّهُ تَمتَدُّ أيّامُ غَيبَتِهِ ليصَرِّحَ الحَقُّ عن مَحضِهِ، و يَصفوَ الإيمانُ مِنَ الکَدَرِ بِارتِدادِ كُلِّ مَن كانَت طينَتُهُ خَبيثَةً مِنَ الشّيعَةِ الَّذينَ يُخشى عَلَيهِمُ النِّفاقُ إذا أحَسّوا بِالِاستِخلافِ و التَّمكينِ و الأمنِ المُنتَشِرِ فی عَهدِ القائِمِ علیه السلام.
قالَ المُفَضَّلُ: فَقُلتُ: يا ابنَ رَسولِ اللّٰه، فَإنَّ هذه النَّواصِبَ تَزعُمُ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ۲ نَزَلَت فی أبی بَكرٍ و عُمَرَ و عُثمانَ و عَلیٍّ، فَقالَ: لا يَهدی اللّٰه قُلوبَ النّاصِبَةِ، مَتى كانَ الدّينُ الَّذی ارتَضاهُ اللّٰه و رَسولُهُ مُتَمَكِّناً بِانتِشارِ الأمنِ فی الأُمَّةِ و ذَهابِ الخَوفِ مِن قُلوبِها و ارتِفاعِ الشَّكِّ مِن صُدورِها فی عَهدِ واحِدٍ مِن هَؤُلاءِ و فی عَهدِ عَلیٍّ علیه السلام مَعَ ارتِدادِ المُسلِمينَ و الفِتَنِ الَّتی تَثورُ فی أيّامِهِم و الحُروبِ الَّتی كَانَت تَنشَبُ بَينَ الكُفّارِ و بَينَهُم؟ ثُمَّ تَلا الصّادِقُ علیه السلام: (حَتّى إذا استَيأسَ الرُّسُلُ و ظَنّوا أنَّهُم قَد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا).۳ و أمّا العَبدُ الصّالِحُ، أعنی الخَضِرُ علیه السلام، فَإنَّ اللّٰه تَبارَکَ و تَعالى ما طَوَّلَ عُمُرَهُ لِنُبوَّةٍ قَدَّرَها لَهُ و لا لِكِتابٍ يُنزِلُهُ عَلَيهِ و لا لِشَريعَةٍ يَنسَخُ بِها شَريعَةَ مَن كانَ قَبلَهُ مِنَ الأنبياءِ، و لا لِإمامَةٍ يُلزِمُ عِبادَهُ الِاقتِداءَ بِها و لا لِطاعَةٍ يَفرِضُها لَهُ، بَلى إنَّ اللّٰه تَبارَکَ و تَعالى لَمّا كانَ فی سابِقِ عِلمِهِ أن يُقَدِّرَ مِن عُمُرِ القائِمِ علیه السلام أيّامِ غَيبَتِهِ ما يُقَدِّرُ و عَلِمَ ما يَكونُ مِن إنكارِ عِبادِهِ بِمِقدارِ