149
میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)

النِّفاقِ و مَعدِنِ الشَّنآنِ و الشِّقاقِ عَمرِو بنِ العاصِ، الَّذی أنزَلَ اللّٰه تَعالى فيهِ عَلى نَبيِّهِ صلی الله علیه و اله (إنَّ شانِئَکَ هوَ الأبتَرُ)،۱ فَلا اختِلافَ بَينَ أهلِ العِلمِ أنَّها نَزَلَت فی عَمرٍو، و هوَ كانَ أميراً عَلَيكُما و عَلى سائِرِ المُنافِقينَ فی الوَقتِ الَّذی أنفَذَهُ رَسولُ اللّٰه صلی الله علیه و اله فی غَزاةِ ذاتِ السَّلاسِلِ، و أنَّ عَمراً قَلَّدَكُما حَرسَ عَسکَرِهِ فَمِنَ الحَرسِ إلى الخِلافَةِ، اتَّقِ اللّٰه و بادِرِ الِاستِقالَةَ قَبلَ فَوتِها، فَإنَّ ‏ذَلِکَ أسلَمُ لَکَ فی حَياتِکَ و بَعدَ وَفاتِکَ، و لا تَرکَن إلى دُنياکَ، وَ لا تَغُرَّنَّکَ۲ قُرَيشٌ و غَيرُها، فَعن قَليلٍ تَضمَحِلُّ عَنکَ دُنياکَ، ثُمَّ تَصيرُ إلى رَبِّکَ فَيَجزيکَ بِعَمَلِکَ، و قَد عَلِمتَ و تَيَقَّنتَ أنَّ عَلیَّ بنَ أبی طالِبٍ علیه السلام صاحِبُ هَذا الأمرِ بَعدَ رَسولِ اللّٰه، فَسَلَّمَهُ إلَيهِ بِما جَعَلَهُ اللّٰه لَهُ، فَإنَّهُ أتَمُّ لِسَترِکَ و أخَفُّ لِوِزرِکَ، فَقَد و اللّٰه نَصَحتُ لَکَ إن قَبِلتَ نُصحی و إلى اللّٰه تُرجَعُ الأُمورُ.

ثُمَّ قامَ إلَیهِ بُرَيدَةُ الأسلَمی فَقالَ: إنّا لِلَّهِ و إنّا ألَيهِ راجِعونَ، ماذا لَقي‏الحَقُّ مِنَ الباطِلِ يا أبا بَكرٍ؟ أنَسيتَ أم تَناسَيتَ و خَدَعتَ أم خَدَعَتکَ نَفسُکَ سَوَّلَت لَکَ الأباطيلَ، أو لَم تَذكُر ما أمَرَنا بِهِ رَسولُ اللّٰه صلی الله علیه و اله مِن تَسميةِ عَلیٍّ علیه السلام بِإمرَةِ المُؤمِنينَ و النَّبی صلی الله علیه و اله بَينَ أظهُرِنا، و قَولَهُ فی عِدَّةِ أوقاتٍ: هَذا عَلیٌّ أميرُ المُؤمِنينَ و قاتِلُ القاسِطينَ، اِتَّقِ اللّٰه و تَدارَک نَفسَکَ قَبلَ أن لا تُدرِکَها، و أنقِذها مِمّا يُهلِكُهُا، و اردُدِ الأمرَ إلى مَن هوَ أحَقُّ بِهِ مِنکَ، و لا تَتَمادَ فی اغتِصابِهِ، و راجِع و أنتَ تَستَطيعُ أن تَراجَعَ، فَقَد مَحَضتُکَ النُّصحَ و دَلَلتُکَ عَلى طَريقِ النَّجاةِ، فَلا تَكونَنَّ ظَهيراً لِلمُجرِمينَ.

ثُمَّ قامَ عَمّارُ بنُ ياسِرٍ فَقالَ: يا مَعاشِرَ قُرَيشٍ يا مَعاشِرَ المُسلِمينَ، إن كُنتُم عَلِمتُم و إلّا فَاعلَموا أنَّ أهلَ بَيتِ نَبيِّكُم أولى بِهِ و أحَقُّ بِإرثِهِ، و أقوَمُ بِأُمورِ الدّينِ و آمَنُ عَلى المُؤمِنينَ، و أحفَظُ لِمِلَّتِهِ و أنصَحُ لِأُمَّتِهِ، فَمُروا صاحِبَكُم فَليَرُدَّ الحَقَّ إلى أهلِهِ قَبلَ أن يَضطَرِبَ حَبلُكُم و يَضعُفَ أمرُكُم، و يَظفَرَ عَدوُّكُم و يَظهَرَ شَتاتُكُم، و تُعظُمَ الفِتنَةُ بِكُم و تَختَلِفونَ فيما بَينَكُم، و يَطمَعَ فيكُم عَدوُّكُم فَقَد عَلِمتُم أنَّ بَنی هاشِمٍ أولى بِهَذا الأمرِ مِنكُم و عَلیٌّ أقرب منكم إلى نَبيِّكُم، و هوَ مِن بَينِهِم وَليُّكُم بَعدَ اللّٰه و رَسولِهِ،۳ و فَرقٌ ظاهِرٌ قَد عَرَفتُموهُ

1.. سورۀ کوثر، آیۀ ۳.

2.. در بحار الأنوار، «وَ لا تَغرُركَ» آمده است.

3.. در بحار الأنوار، «بِعَهدِ اللّٰه و بِرَسولِهِ» آمده است.


میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)
148

الَّذی كانَ عَقَدَهُ عَلَيكُم مِنَ النُّفوذِ تَحتَ رايَةِ أُسامَةَ بنِ زَيدٍ حَذَراً مِن مِثلِ ما أتَيتُموهُ، و تَنبيهاً لِلأُمَّةِ عَلى عَظيمِ ما اجترمتموه۱ مِن مُخالَفَةِ أمرِهِ، فَعن قَليلٍ يَصفو لَکَ الأمرُ و قَد أثقَلَکَ الوِزرُ، و نُقِلتَ إلى قَبرِکَ و حَمَلتَ مَعَکَ ما کَسَبَت يَداکَ، فَلَو راجَعتَ الحَقَّ مِن قَریبٍ و تَلافَيتَ نَفسَکَ و تُبتَ إلى اللّٰه مِن عَظيمِ ما اجتَرَمتَ، كانَ ذَلِکَ أقرَبَ إلى نَجاتِکَ يَومَ تَفَرَّدُ فی حُفرَتِکَ و يُسَلِّمُکَ ذَوو نُصرَتِکَ، فَقَد سَمِعتَ کَما سَمِعنا و رَأيتَ کَما رَأينا، فَلَم يَردَعکَ ذَلِکَ عَمّا أنتَ مُتَشَبِّثٌ بِهِ مِن هَذا الأمرِ الَّذی لا عُذرَ لَکَ فی تَقَلُّدِهِ، و لا حَظَّ لِلدّينِ و لا المُسلِمينَ فی قيامِکَ بِهِ، فَاللّٰه اللّٰه فی نَفسِکَ، فَقَد أعذَرَ مَن أنذَرَ، و لا تَكونُ کَمَن أدبَرَ و استَكبَرَ.

ثُمَّ قامَ أبو ذَرٍّ الغِفاری فَقالَ: يا مَعاشِرَ قُرَيشٍ، أصَبتُم قَباحَةً و تَرَكتُم قَرابَةً، و اللّٰه لَتَرتَدَّنَّ جَماعَةٌ مِنَ العَرَبِ و لَتَشُكَّنَّ فی هَذا الدّينِ، و لَو جَعَلتُمُ الأمرَ فی أهلِ بَيتِ نَبيِّكُم ما اختَلَفَ عَلَيكُم سَيفانِ، و اللّٰه لَقَد صارَت لِمَن غَلَبَ، و لَتَطمَحَنَ‏ إلَيها عَينُ مَن لَيسَ مِن أهلِها، و لَيُسفَکَنَّ فی طَلَبِها دِماءٌ کَثيرَةٌ. فَكانَ کَما قالَ أبو ذَرٍّ. ثُمَّ قالَ: لَقَد عَلِمتُم و عَلِمَ خيارُكُم أنَّ رَسولَ اللّٰه صلی الله علیه و اله قالَ: الأمرُ بَعدی لِعَلیّ ثُمَّ لِابنَیَّ الحَسَنِ و الحُسَينِ ثُمَّ لِلطّاهِرينَ مِن ذُرّيتی، فَاطَّرَحتُم قَولَ نَبيِّكُم و تَناسَيتُم ما عَهِدَ بِهِ إلَيكُم، فَأطَعتُمُ الدُّنيا الفانيةَ و نَسیتُمُ الآخِرَةَ۲ الباقيةَ، الَّتی لا يَهرَمُ شَبابُها و لا يَزولُ نَعيمُها و لا يَحزَنُ أهلُها، و لا تَموتُ سُكّانُها بِالحَقيرِ التّافِهِ الفانی الزّائِلِ، فَکَذَلِکَ الأُمَمُ مِن قَبلِكُم، کَفَرَت بَعدَ أنبيائِها و نَکَصَت عَلى أعقابِها، و غَيَّرَت و بَدَّلَت و اختَلَفَت، فَساوَيتُموهُم حَذوَ النَّعلِ بِالنَّعلِ و القُذَّةِ بِالقُذَّةِ، و عَمّا قَليلٍ تَذوقونَ وَبالَ أمرِكُم و تُجزَونَ بِما قَدَّمَت أيديكُم، و ما اللّٰه بِظَلّامٍ لِلعَبيدِ.

ثُمَّ قامَ المِقدادُ بنُ الأسوَدِ فَقالَ: يا أبا بَكرٍ، ارجِع عن ظُلمِکَ و تُب إلى رَبِّکَ و الزَم بَيتَکَ و ابکِ عَلى خَطيئَتِکَ، و سَلِّمِ الأمرَ لِصاحِبِهِ الَّذی هوَ أولى بِهِ مِنکَ، فَقَد عَلِمتَ ما عَقَدَهُ رَسولُ اللّٰه صلی الله علیه و اله فی عُنُقِکَ مِن بَيعَتِهِ و ألزَمَکَ مِنَ النُّفوذِ تَحتَ رايَةِ أُسامَةَ بنِ زَيدٍ و هوَ مَولاهُ، و نَبَّهَ عَلى بُطلانِ وُجوبِ هَذا الأمرِ لَکَ و لِمَن عَضَدَکَ عَلَيهِ بِضَمِّهِ لَكُما ألى عَلَمِ

1.. در بحار الأنوار، «اجتَرَحتُموهُ» آمده است.

2.. در بحار الأنوار، «بِعتُمُ الآخرة» آمده است.

  • نام منبع :
    میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد حسين مدني
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 21222
صفحه از 303
پرینت  ارسال به