205
میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)

مِن قُلوبِهِم، و کَيفَ يَكونُ الِاستِخلافُ و التَّمكينُ و بَدَلُ الخَوفِ بِالأمنِ مِنّی لَهُم مَعَ ماكُنتُ أعلَمُ مِن ضَعفِ يَقينِ الَّذينَ ارتَدّوا و خُبثِ طينَتِهِم، و سوءِ سَرائِرِهِمُ الَّتی كانَت نَتائِجَ النِّفاقِ و سُنوحَ الضَّلالَةِ، فَلَو أنَّهُم تَسَنَّموا مِنّی مِنَ المُلکِ الَّذی أُوتیَ المُؤمِنينَ وَقتَ الِاستِخلافِ إذا أهلَكتُ أعداءَهُم، لَنَشَقوا رَوائِحَ صِفاتِهِ و لاستَحکَمَت سَرائِرُ نِفاقِهِم، و تَأبَّدَت حِبالُ ضَلالَةِ قُلوبِهِم، و لَكاشَفوا إخوانَهُم بِالعَداوَةِ و حارَبوهُم عَلى طَلَبِ الرِّئاسَةِ و التَّفَرُّدِ بِالأمرِ و النَّهیِ، و کَيفَ يَكونُ التَّمكينُ فی الدّينِ و انتِشارُ الأمرِ فی المُؤمِنينَ مَعَ إثارَةِ الفِتَنِ و إيقاعِ الحُروبِ، کَلّا فَ(اصنَعِ الفُلکَ بِأعيُنِنا و وَحيِنا)،۱ قالَ الصّادِقُ علیه السلام: و کَذَلِکَ القائِمُ علیه السلام، فإنّهُ تَمتَدُّ أيّامُ غَيبَتِهِ ليصَرِّحَ الحَقُّ عن مَحضِهِ، و يَصفوَ الإيمانُ مِنَ الکَدَرِ بِارتِدادِ كُلِّ مَن كانَت طينَتُهُ خَبيثَةً مِنَ الشّيعَةِ الَّذينَ يُخشى عَلَيهِمُ النِّفاقُ إذا أحَسّوا بِالِاستِخلافِ و التَّمكينِ و الأمنِ المُنتَشِرِ فی عَهدِ القائِمِ علیه السلام.

قالَ المُفَضَّلُ: فَقُلتُ: يا ابنَ رَسولِ اللّٰه، فَإنَّ هذه النَّواصِبَ تَزعُمُ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ۲ نَزَلَت فی أبی بَكرٍ و عُمَرَ و عُثمانَ و عَلیٍّ، فَقالَ: لا يَهدی اللّٰه قُلوبَ النّاصِبَةِ، مَتى كانَ الدّينُ الَّذی ارتَضاهُ اللّٰه و رَسولُهُ مُتَمَكِّناً بِانتِشارِ الأمنِ فی الأُمَّةِ و ذَهابِ الخَوفِ مِن قُلوبِها و ارتِفاعِ الشَّكِّ مِن صُدورِها فی عَهدِ واحِدٍ مِن هَؤُلاءِ و فی عَهدِ عَلیٍّ علیه السلام مَعَ ارتِدادِ المُسلِمينَ و الفِتَنِ الَّتی تَثورُ فی أيّامِهِم و الحُروبِ الَّتی كَانَت تَنشَبُ بَينَ الكُفّارِ و بَينَهُم؟ ثُمَّ تَلا الصّادِقُ علیه السلام: (حَتّى إذا استَيأسَ الرُّسُلُ و ظَنّوا أنَّهُم قَد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا).۳ و أمّا العَبدُ الصّالِحُ، أعنی الخَضِرُ علیه السلام، فَإنَّ اللّٰه تَبارَکَ و تَعالى ما طَوَّلَ عُمُرَهُ لِنُبوَّةٍ قَدَّرَها لَهُ و لا لِكِتابٍ يُنزِلُهُ عَلَيهِ و لا لِشَريعَةٍ يَنسَخُ بِها شَريعَةَ مَن كانَ قَبلَهُ مِنَ الأنبياءِ، و لا لِإمامَةٍ يُلزِمُ عِبادَهُ الِاقتِداءَ بِها و لا لِطاعَةٍ يَفرِضُها لَهُ، بَلى إنَّ اللّٰه تَبارَکَ و تَعالى لَمّا كانَ فی سابِقِ عِلمِهِ أن يُقَدِّرَ مِن عُمُرِ القائِمِ علیه السلام أيّامِ غَيبَتِهِ ما يُقَدِّرُ و عَلِمَ ما يَكونُ مِن إنكارِ عِبادِهِ بِمِقدارِ

1.. سورۀ هود، آیۀ ۳۷؛ سورۀ مؤمنون، آیۀ ۲۷.

2.. اشاره دارد به آیۀ تمکین: (وَعَدَ اللّٰه الَّذينَ آمَنُوا مِنكُم و عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فی الأرضِ کَمَا استَخَلَفَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم و لَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دينَهُمُ الَّذی ارتَضَى‏ لَهُم و لَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أمناً يَعبُدونَني‏ لا يُشرِكونَ بي‏ شَيئاً)‏ (سورۀ نور، آیۀ ۵۵).

3.. سورۀ یوسف، آیۀ ۱۱۰.


میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)
204

القائِمِ، و يَأبى اللّٰه عَزَّ و جَلَّ أن يَكشِفَ أمرَهُ لِواحِدٍ مِنَ الظَّلَمَةِ (إلّا أن يُتِمَّ نورَهُ... و لَو کَرِهَ المُشرِكونَ)،۱ و أمّا غَيبَةُ عيسى علیه السلام فَإنَّ اليَهودَ و النَّصارى اتَّفَقَت عَلى أنَّهُ قُتِلَ، فَکَذَّبَهُمُ اللّٰه جَلَّ ذکره بِقَولِهِ: (وَ ما قَتَلوهُ و ما صَلَبوهُ و لَكِن شُبِّهَ لَهُم)،۲ کَذَلِکَ غَيبَةُ القائِمِ علیه السلام، فَإنَّ الأُمَّةَ سَتُنكِرُها لِطولِها، فَمِن قائِلٍ يهذي۳ بِأنَّهُ لَم يولَد و قائِلٍ يَقولُ إنَّهُ يَتَعَدّى إلى ثَلاثة عَشَرَ و صاعِداً، و قائِلٍ يَعصی اللّٰه عَزَّ و جَلَّ بِقَولِهِ: إنَّ روحَ القائِمِ يَنطِقُ فی هَيکَلِ غَيرِهِ، و أمّا أبطاءُ نوحٍ علیه السلام فَإنَّهُ لَمّا استَنزَلَت العُقوبَةَ عَلى قَومِهِ مِنَ السَّماءِ بَعَثَ اللّٰه عَزَّ و جَلَّ الرّوحَ الأمينَ علیه السلام بِسَبعِ نَوَياتٍ، فَقالَ: يا نَبیَّ اللّٰه، إنَّ اللّٰه تَبارَکَ و تَعالى يَقولُ لَکَ: إنَّ هَؤُلاءِ خَلائِقی و عِبادی و لَستُ أُبيدُهُم بِصاعِقَةٍ مِن صَواعِقی إلّا بَعدَ تَأكيدِ الدَّعوَةِ و إلزامِ الحُجَّةِ، فَعاوِد اجتِهادَکَ فی الدَّعوَةِ لِقَومِکَ فَإنّی مُثيبُکَ عَلَيهِ، و اغرِس هَذا النَّوى فَإنَّ لَکَ فی نَباتِها و بُلوغِها و إدراكِها أذا أثمَرَتِ الفَرَجَ و الخَلاصَ، فَبَشِّر بِذَلِکَ مَن تَبِعَکَ مِنَ المُؤمِنينَ، فَلَمّا نَبَتَتِ الأشجارُ و تَأزَّرَت و تَسَوَّقَت و تَغَصَّنَت و أثمَرَت و زَها الثَّمَرُ عَلَيها بَعدَ زَمانٍ طَويلٍ، استَنجَزَ مِنَ اللّٰه سُبحانَهُ و تَعالى العِدَةَ، فَأمَرَهُ اللّٰه تَبارَکَ و تَعالى أن يَغرِسَ مِن نَوى تِلکَ الأشجارِ و يُعاوِدَ الصَّبرَ و الِاجتِهادَ و يُؤَكِّدَ الحُجَّةَ عَلى قَومِهِ، فَأخبَرَ بِذَلِکَ الطَّوائِفَ الَّتی آمَنَت بِهِ، فَارتَدَّ مِنهُم ثَلاثُمِائَةِ رَجُلٍ و قالوا: لَو كانَ ما يَدَّعيهِ نوحٌ حَقّاً لَما وَقَعَ فی وَعدِ رَبِّهِ خُلفٌ. ثُمَّ إنَّ اللّٰه تَبارَکَ و تَعالى لَم يَزَل يَأمُرُهُ عِندَ كُلِّ مَرَّةٍ بأن يَغرِسَها مَرَّةً بَعدَ أُخرى، إلى أن غَرَسَها سَبعَ مَرّاتٍ، فَما زالَت تِلکَ الطَّوائِفُ مِنَ المُؤمِنينَ تَرتَدُّ مِنهُ طائِفَةٌ بعد طائِفَةٍ إلى أن عادَ إلى نَيِّفٍ و سَبعينَ رَجُلاً، فَأوحى اللّٰه تَبارَکَ و تَعالی عِندَ ذَلِکَ إلَيهِ و قالَ: يا نوحُ، الآنَ أسفَرَ الصُّبحُ عَنِ الليلِ لِعَينِکَ حينَ صَرَّحَ الحَقُّ عن مَحضِهِ و صَفا الأمرُ والإيمانُ مِنَ الکَدَرِ بِارتِدادِ كُلِّ مَن كانَت طينَتُهُ خَبيثَةً، فَلَو أنّی أهلَكتُ الكُفّارَ و أبقَيتُ مَن قَدِ ارتَدَّ مِنَ الطَّوائِفِ الَّتی كانَت آمَنَت بِکَ، لَما كُنتُ صَدَقتُ وَعدیَ السّابِقَ لِلمُؤمِنينَ الَّذينَ أخلَصوا التَّوحيدَ مِن قَومِکَ و اعتَصَموا بِحَبلِ نُبوَّتِکَ بِأن أستَخلِفَهُم فی الأرضِ و أُمَكِّنَ لَهُم دينَهُم و أُبَدِّلَ خَوفَهُم بِالأمنِ لِکَی تَخلُصَ العِبادَةُ لی بِذَهابِ الشَّكِّ

1.. سورۀ توبه، آیات ۳۲ ـ ۳۳.

2.. سورۀ نساء، آیۀ ۱۵۷.

3.. در بحار الأنوار به جای «یهذی»، «بِغَيرِ هُدًى» آمده است.

  • نام منبع :
    میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد حسين مدني
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 21235
صفحه از 303
پرینت  ارسال به