191
میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)

سُلطانِکَ و تَوهينُ كافَّتِکَ، و ما أشفَقتُ إلّا عَلَيکَ، قالَ: وَيلَکَ! فَكَيفَ بِابنَةِ مُحَمَّدٍ و قَد عَلِمَ النّاسُ ما تَدعو إلَيهِ و ما نَحنُ مِنَ الغَدرِ عَلَيهِ، فقالَ: هَل هیَ إلّا غَمرَةٌ انجَلَت و ساعَةٌ انقَضَت، و كانَ ما قَد كانَ لَم يَكُن.

ما قَد مَضى مِمّا مَضى كَما مَضىو ما مَضى مِمّا مَضى قَد انقَضى‏‏

أقِمِ الصَّلاةَ و آتِ الزَّكاةَ و أمُر بِالمَعروفِ، و انهَ عَنِ المُنكَرِ، و وَفِّرِ الفَي‏ءَ و صِلِ القَرابَةَ، فَإنَّ اللّٰه يَقولُ: (إنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئاتِ ذلِکَ ذِكرى لِلذّاكِرينَ)،۱ و يَقولُ: (يَمحوا اللّٰه ما يَشاءُ)۲ ـ الآية ـ و يَقولُ: (وَ الَّذينَ إذا فَعَلوا فاحِشَةً)۳ ـ الآية ـ ذَنبٌ واحِدٌ فی حَسَناتٍ كَثيرَةٍ، قَلِّدنی ما يَكونُ مِن ذَلِکَ. فَضَرَبَ بيَدِهِ عَلى كَتفِ عُمَرَ و قالَ: رُبَّ كُربَةٍ فَرَّجتَها يا عُمَرُ. ثُمَّ نادى الصَّلاةَ جامِعَةً. فَاجتَمَعَ النّاسُ و صَعِدَ المِنبَرَ، فَحَمِدَ اللّٰه و أثنى عَلَيهِ ثُمَّ قالَ: أيُّها النّاسُ، ما هَذِهِ الرِّعَةُ و مَعَ كُلِّ قالَةٍ أُمنيَّةٌ؟ أينَ كانَت هَذِهِ الأمانیُّ فی عَهدِ نَبيِّكُم؟ فَمَن سَمِعَ فَليَقُل، و مَن شَهِدَ فَليَتَكَلَّم، كَلّا بَل هوَ ثُعالَةٌ شَهيدُهُ ذَنَبُهُ لَعَنَهُ اللّٰه، و قَد لَعَنَهُ رَسولُهُ مَرّاتٍ بِكُلِّ أُمنيَّةٍ، يَقولُ: كَرّوها جَذَعَةً ابتِغاءَ الفِتنَةِ مِن بَعدِ ما هَرِمَت، كَأُمِّ طِحالٍ أحَبُّ أهلِها الغَوِىُّ، ألا لَو شِئتُ أن أقولَ لَقُلتُ، و لَو تَكَلَّمتُ لَبُحتُ، و أنّی ساكِتٌ ما تُرِكتُ، یَستَعينونَ بِالصَّبيَةِ و يَستَنهِضونَ النِّساءَ، و قَد بَلَغَنی ـ يا مَعشرَ الأنصارِ ـ مَقالَةُ سُفَهائِكُم، فَو اللّٰه إنَّ أحَقَّ النّاسِ بِلُزومِ عَهدِ رَسولِ اللّٰه لَأنتُم، لَقَد جاءَكُم الرَّسولُ فَآوَيتُم و نَصَرتُم، و أنتُمُ اليَومَ أحَقُّ مَن لَزِمَ عَهدَهُ، و مَعَ ذَلِکَ فَاغدوا عَلى أعطِياتِكُم، فَإنّی لَستُ كاشِفاً قِناعاً و لا باسِطاً ذِراعاً و لا لِساناً إلّا عَلى مَنِ استَحَقَّ ذَلِکَ، و السَّلامُ.

قال: فأطلَعَت أُمُّ سَلَمَةَ رَأسَها مِن بابِها و قالَت: أَلِمِثلِ فاطِمَةَ يُقالُ هَذا؟! و هیَ الحَوراءُ بَينَ الإنسِ، و الأُنسُ لِلنَّفسِ، رُبِّيَت فی حُجورِ الأنبياءِ و تَداوَلَتَها أيدی المَلائِكَةِ، و نَمَت فی المَغارِسِ الطّاهِراتِ، نَشَأت خَيرَ مَنشأً، و رُبِّيَت خَيرَ مُرَبّاً، أتَزعُمُونَ أنَّ رَسولَ اللّٰه حَرَّمَ عَلَيها ميراثَهُ و لَم يُعلِمها؟ و قَد قالَ اللّٰه لَهُ: (وَ أنذِر عَشيرَتَکَ الأقرَبينَ)،۴ فَأنَذَرها و جاءَت تَطلُبُهُ و

1.. سورۀ هود، آیۀ ۱۱۴.

2.. سورۀ رعد، آیۀ ۳۹.

3.. سورۀ آل‌عمران، آیۀ ۱۳۵.

4.. سورۀ شعرا، آیۀ ۲۱۴.


میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)
190

و نِحلَتُهُ الَّتی انتَحَلَ، و خِيرَتُهُ الَّتی انتَخَبَ لَنا أهلَ البَيتِ، فَنابَذتُم فينا العَرَبَ، و ناهَضتُمُ الأُمَمَ و كافَحتُمُ البُهَمَ، لا نَبرَحُ و تَبرَحونَ، و نَأمُرُكُم فَتَأتَمِرونَ، حَتّى دارَت بِنا و بِكُم رَحى الإسلامِ، و دَرَّ حَلبُ البِلاد، و خَضَعَت بَغوَةُ الشِّرکِ، و هَدَأت رَوعَةُ الهَرجِ، و بَلَغَت نارُ الحَربِ، و استَوسَقَ نِظامُ الدِّينِ، فَأنّى جُرتُم بَعدَ البَيانِ، و نَكَصتُم بَعدَ الإقدامِ، عَن قَومٍ (نَکَثوا أيمانَهُم و هَمّوا‏)،۱ ألا أرى و اللّٰه إن أخلَدتُم إلى الخَفضِ و رَكَنتُم إلى الدَّعَةِ، فَحَجَتُمُ الَّذی استَرعَيتُم، و رَسَعتُم ما استَرعَيتُم، ألا و إن تَكفُروا و مَن فی الأرضِ جَميعاً إنَّ اللّٰه لَغَنیٌّ حَميدٌ، (ألَم ياتِكُم نَبَؤُا الَّذينَ مِن قَبلِكُم)،۲ ألا و قَد قُلتُ الَّذی قُلتُ عَلى مَعرِفَةٍ مِنّی بِالخَذلَةِ الَّتی خامَرَتكُم، و لَكِنَّها فَيضَةُ النُّفسِ و نَفثَةُ الغَيظِ، و بَثَّةُ الصَّدرِ و مَعذِرَةُ الحُجَّةِ، فَدونَكُم فَاحتَقِبوها دَبرَةَ الظَّهرِ ناقِيَةَ الخَضا، باقيَةَ العارِ مَوسومَةً بِشَنارِ الأبَدِ، مَوصولَةً بِنارِ اللّٰه المُؤصَدَةِ ـ الآية ـ فَبِعَينِ اللّٰه ما تَفعَلونَ، (وَ سَيَعلَمُ الَّذينَ ظَلَموا أیَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبون‏)،۳ و أنا ابنَةُ نَذيرٍ لَكُم بَينَ يَدَی عَذابٍ شَديدٍ، فَاعمَلوا إنّا عامِلونَ، و انتَظِروا إنّا مُنتَظِرونَ، و سَيَعلَمُ الكُفّارُ لِمَن عُقبى الدّارِ، (وَ قُلِ اعمَلوا فَسَيَرى اللّٰه عَمَلَكُم و رَسولُهُ و المُؤمِنونَ)،۴ (وَ كُلَّ إنسانٍ ألزَمناهُ طائِرَهُ فی عُنُقِهِ)،۵(وَ مَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ)۶ ـ الآية ـ و كانَ الأمرُ قَد قَصُرَ.

ثُمَّ وَلَّت فَتَبِعَها رافِعُ بنُ رِفاعَةَ الزُّرِقِیُّ فَقالَ لَها: يا سَيَّدَةَ النِّساءِ، لَو كانَ أبو الحَسَنِ تَكَلَّمَ فی هَذا الأمرِ و ذَكَرَ لِلنّاسِ قَبلَ أن يَجری هَذا العَقدُ ما عَدَلنا بِهِ أحَداً. فَقالَت يَرُدَّنَّها: إلَيکَ عَنّی، فَما جَعَلَ اللّٰه لِأحَدٍ بَعدَ غَديرِ خُمٍّ مِن حُجَّةٍ و لا عُذرٍ. قالَ: فَلَم يُرَ باکٍ و باكِيَةٌ كانَ أكثَرَ مِن ذَلِکَ اليَومِ، ارتَجَّت المَدينَةُ و هاجَ النّاسُ و ارتَفَعَتِ الأصواتُ.

فَلَمّا بَلَغَ ذَلِکَ أبا بَكرٍ قالَ لِعُمَرَ: تَرِبَت يَداکَ! ما كانَ عَلَيکَ لَو تَرَكتَنی؟ فَرُبَّما فاتَ الخَرقُ و رَتَقتُ الفَتقُ، ألَم يَكن ذَلِکَ بِنا أحَقُّ؟ فَقالَ الرَّجُلُ: قَد كانَ فی ذَلِکَ تَضعيفُ

1.. سورۀ توبه، آیۀ ۱۳.

2.. سورۀ إبراهیم، آیۀ ۹.

3.. سورۀ شعرا، آیۀ ۲۲۷.

4.. سورۀ توبه، آیۀ ۱۰۵.

5.. سورۀ اسرا، آیۀ ۱۳.

6.. سورۀ زلزله، آیۀ ۸.

  • نام منبع :
    میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد حسين مدني
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 21230
صفحه از 303
پرینت  ارسال به