الرَّوضَةَ ـ و هوَ آخِذٌ بيَدِ عَلیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السلام و هوَ يَقولُ: أيُّها ألنّاسُ، هَذا عَلیٌّ إمامُكُم مِن بَعدی و وَصيِّی فی حَياتی و بَعدَ وَفاتی، و قاضی دَينی و مُنجِزُ وَعدی، و أوَّلُ مَن يُصافِحُنی عَلى حَوضی، فَطوبى لِمَنِ اتَّبَعَه‏ و نَصَرَهُ، و الوَيلُ لِمَن تَخَلَّفَ عَنهُ و خَذَلَهُ.

وَ قامَ مَعَهُ أخوهُ عُثمانُ بنُ حُنَيفٍ و قالَ: سَمِعنا رَسولَ اللّٰه صلی الله علیه و اله يَقولُ: أهلُ بَيتی نُجومُ الأرضِ، فَلا تَتَقَدَّموهُم و قَدِّموهُم، فَهُمُ الوُلاةُ مِن بَعدی، فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ فَقالَ: يا رَسولَ اللّٰه، و أیُّ أهلِ بَيتِکَ؟ فَقالَ: عَلَیٌّ و الطّاهِرونَ مِن وُلدِهِ، و قَد بَيَّنَ صلی الله علیه و اله، فَلا تَكُن يا أبا بَكرٍ أوَّلَ كافِرٍ بِهِ، و لا تَخونوا اللّٰه و الرَّسولَ و تَخونوا أماناتِكُم و أنتُم تَعلَمونَ‏.

ثُمَّ قامَ أبو أيّوبَ الأنصاریُّ فَقالَ: اتَّقوا اللّٰه عِبادَ اللّٰه فی أهلِ بَيتِ نَبيِّكُم، و اردُدوا إلَيهِم حَقَّهُمُ الَّذی جَعَلَهُ اللّٰه لَهُم، فَقَد سَمِعتُم مِثلَ ما سَمِعَ إخوانُنا فی مَقامٍ بَعدَ مَقامٍ لِنَبيِّنا صلی الله علیه و اله، و مَجلِسٍ بَعدَ مَجلِسٍ، يَقولُ أهلُ بَيتی أئِمَّتُكُم بَعدی، و يومِئُ إلى عَلیٍّ، و يَقولُ: هَذا أميرُ البَرَرَةِ و قاتِلُ الکَفَرَةِ، مَخذولٌ مَن خَذَلَهُ، مَنصورٌ مَن نَصَرَهُ، فَتوبوا إلى اللّٰه مِن ظُلمِكُم إیّاهُ، إنَّ اللّٰه تَوّابٌ رَحيمٌ، و لا تَتَوَلَّوا عَنهُ مُدبِرينَ، و لا تَتَوَلَّوا عَنهُ مُعرِضينَ.

قالَ الصّادِقُ علیه السلام: فَأُفحِمَ أبو بَكرٍ عَلى المِنبَرِ حَتّى لَم يُحِر جَواباً، ثُمَّ قالَ: وَليتُكُم و لَستُ بِخَيرِكُم أقيلونی أقيلونی، فَقالَ لَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ: انزِل عَنها يا لُکَعُ، ‏إذا كُنتَ لا تَقومُ بِحُجَجِ قُرَيشٍ لِمَ أقَمتَ نَفسَکَ هَذا المَقامَ؟ و اللّٰه لَقَد هَمَمتُ أن أخلَعَکَ و أجعَلَها فی سالِمٍ مَولى أبی حُذَيفَةَ! قالَ: فَنَزَلَ ثُمَّ أخَذَ بيدِهِ و انطَلَقَ إلى مَنزِلِهِ، و بَقوا ثَلاثَةَ أيّامٍ لا يَدخُلونَ مَسجِدَ رَسولِ اللّٰه صلی الله علیه و اله، فَلَمّا كانَ فی اليَومِ الرّابِعِ جاءَهُم خالِدُ بنُ الوليد و مَعَهُ ألفُ رَجُلٍ، فَقالَ لَهُم: ما جُلوسُكُم؟ فَقَد طَمَعَ فيها و اللّٰه بَنو هاشِمٍ. و جاءَهُم سالِمٌ مَولى أبی حُذَيفَةَ و مَعَهُ ألفُ رَجُلٍ، و جاءَهُم مُعاذُ بنُ جَبَلٍ و مَعَهُ ألفُ رَجُلٍ، فَما زالَ يَجتَمِعُ رَجُلٌ رَجُلٌ حَتّى اجتَمَعَ أربَعَةُ آلافِ رَجُلٍ فَخَرَجوا شاهِرينَ أسيافَهُم يَقدُمُهُم عُمَرُ بنُ الخَطّابِ، حَتّى وَقَفوا بِمَسجِدِ رسول اللّٰه صلی الله علیه و اله فَقالَ عُمَرُ: و اللّٰه يا أصحابَ عَلیٍّ لَئِن ذَهَبَ مِنكُم رَجُلٌ يَتَکَلَّمُ بِالَّذی تَکَلَّمَ بِالأمسِ لَناخُذَنَّ الَّذی فيهِ عَيناهُ! فَقامَ إلَيهِ خالِدُ بنُ سَعيدِ بنِ العاصِ و قالَ: يا ابنَ صُهاك الحَبَشيةِ، أبِأسيافِكُم تُهَدِّدونّا؟ أم بِجَمعِكُم تُفزِعونّا؟ و اللّٰه إنَّ أسيافَنا أحَدُّ مِن أسيافِكُم و إنّا لاكثَرُ مِنكُم و إن كُنّا قَليلينَ؛ لِأنَّ حُجَّةَ اللّٰه فينا، و اللّٰه لَو لا أنّی

فی حالٍ بَعدَ حالٍ عِندَ سَدِّ النَّبی صلی الله علیه و الهأبوابَكُمُ الَّتی كانَت إلى المَسجِدِ، فَسَدَّها كُلَّها غَيرَ بابِهِ، و إيثارِهِ إيّاهُ بِکَريمَتِهِ فاطِمَةَ دونَ‏ سائِرِ مَن خَطَبَها ألَيهِ مِنكُم، و قَولِهِ صلی الله علیه و اله: أنا مَدينَةُ العِلمِ و عَلیٌّ بابُها، فَمَن أرادَ الحِكمَةَ فَلْيَأْتِها مِن بابِها، و إنّكُم جَميعاً مُضطَرّونَ^۱ فيما أشکَلَ عَلَيكُم مِن أُمورِ دينِكُم إلَيهِ، و هوَ مُستَغنٍ عن كُلِّ أحَدٍ مِنكُم، إلى ما لَهُ مِنَ السَّوابِقِ الَّتی لَيسَت لِأفضَلِكُم عِندَ نَفسِهِ، فَما بالُكُم تَحيدونَ عَنهُ و تَبتزّونَ عَليّاً حَقّه،^۲ و تُؤثِرونَ الحَياةَ الدُّنيا عَلى الآخِرَةِ، بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلاً، أعطوهُ ما جَعَلَهُ اللّٰه لَهُ و لا تَتَوَلَّوا عَنهُ مُدبِرينَ، و لا تَرتَدّوا عَلى أعقابِكُم فَتَنقَلِبوا خاسِرينَ.

‏ثُمَّ قامَ أُبَیُّ بنُ کَعبٍ فَقالَ: يا أبا بَكرٍ، لا تَجحَد حَقّاً جَعَلَهُ اللّٰه لِغَيرِکَ، ‏وَ لا تَكُن أوَّلَ مَن عَصى رَسولَ اللّٰه صلی الله علیه و اله فی وَصيِّهِ و صَفيِّهِ، و صَدَفَ عن أمرِهِ، اردُدِ الحَقَّ إلى أهلِهِ تَسلَم، و لا تَتَمادَ فی غَيِّکَ فَتَندَمَ، و بادِرِ الإنابَةَ يَخِفَّ وِزرُکَ، و لاتُخَصِّص بِهَذا الأمرِ الَّذی لَم يَجعَلهُ اللّٰه لَکَ نَفسَکَ فَتَلقى وَبالَ عَمَلِکَ، فَعن قَليلٍ تُفارِقُ ما أنتَ فيهِ و تَصيرُ إلى رَبِّکَ فَيَسألُکَ عَمّا جَنَيتَ، و ما رَبُّکَ بِظَلّامٍ لِلعَبيدِ.

ثُمَّ قامَ خُزَيمَةُ بنُ ثابِتٍ فَقالَ: أيُّها النّاسُ، ألَستُم تَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّٰه صلی الله علیه و اله قَبِلَ شَهادَتی وَحدی و لَم يُرِد مَعی غَيری؟ قالوا: بَلى، قالَ: فَأشهَدُ أنّی سَمِعتُ رَسولَ اللّٰه صلی الله علیه و اله يَقولُ: أهلُ بَيتی يَفرُقونَ بَينَ الحَقِّ و الباطِلِ، و هُمُ الأئِمَّةُ الَّذينَ يُقتَدى بِهِم، و قَد قُلتُ ما عَلِمتُ و ما عَلى الرَّسولِ إلّا البَلاغُ المُبينُ‏.

ثُمَّ قامَ أبو الهَيثَمِ بنُ التَّيِّهانِ فَقالَ: و أنا أشهَدُ عَلى نَبيِّنا صلی الله علیه و اله أنَّهُ أقامَ عَليّاً يَعنی فی يَومِ غَديرِ خُمٍّ فَقالَتِ الأنصارُ: ما أقامَهُ إلّا لِلخِلافَةِ، و قالَ بَعضُهُم: ما أقامَهُ إلّا ليعلَمَ النّاسُ أنَّهُ مَولى مَن كانَ رَسولُ اللّٰه صلی الله علیه و اله مَولاهُ، و کَثُرَ الخَوضُ فی ذَلِکَ، فَبَعَثنا رِجالاً مِنّا إلى رَسولِ اللّٰه صلی الله علیه و اله فَسَأَلُوهُ عن ذَلِکَ فَقالَ: قولوا لَهُم: عَلیٌّ وَلیُّ المُؤمِنينَ بَعدی و أنصَحُ النّاسِ لِأُمَّتی، و قَد شَهِدتُ بِما حَضَرَنی، فَمَن شاءَ فَليُؤمِن و مَن شاءَ فَليَكفُر، إنَّ يَومَ الفَصلِ كانَ ميقاتاً.

ثُمَّ قامَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ فَحَمِدَ اللّٰه و أثنى عَلَيهِ و صَلّى عَلى النَّبیِّ مُحَمَّدٍ و آلِهِ، ثُمَّ قالَ: يا مَعاشِرَ قُرَيشٍ، اشهَدوا عَلَیَّ أنّی أشهَدُ عَلى رَسولِ اللّٰه و قَد رَأيتُهُ فی هَذا المَكانِ ـ يَعنی