الإعراب :
قوله : « فعلى الأطائب » متعلَّق بما بعده « فليبك » ، و الفاء في « فليبك » للسببية ، و الشرط محذوف ، أي فإذا كان الأمر كذلك ، إذ لم يُمتثل أمر النبي في عترته ، و اجتمعت الأمّة على مقتهم بالقتل و الأسر و التبعيد ، فيحق للباكي البكاء على هذا المصاب .
قوله : « فلتُذرف الدموعُ » بصيغة المجهول ، والدموع نائب الفاعل . و الظاهر أن « ذَرَف » متعدّ ، فإذا نسب إلى العين بصيغة المعلوم يقال : ذَرَفَتِ العينُ أي أسالت و صبَّت دمعها . و إذا نسب إلى الدمع فبصيغة المجهول .
قوله : « صالحٌ بعد صالحٍ » بدل من الأبناء لا عطف بيان ؛ لعدم المطابقة في التعريف .
البلاغة :
قوله : « أين الحسن و أين الحسين » .
اعلم أن الاستفهام حقيقته طلب الفهم ، و « أين » اسم استفهام وضعت للسؤال عن المكان ، و لكن كما أن الإخبار قد لا يُراد منه بيان فائدة الخبر أو لازمها ، بل يستعمل في مقام التحسر أو التوجع ـ كما قيل في قول زكريا : «رَبِّ إِنِّى وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا» ۱ غرضه التحسر من الشيخوخة و عدم الوارث ، و كذا فيما قالته امرأةُ عمران : «رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَآ أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى» ۲ و أمثال ذلك ـ فكذلك الاستفهام لا يُستعمل دائما في المعنى الحقيقي ، فقد يُراد منه التقرير أو التوبيخ أو التهكم . و الظاهر أن المقام قد اُريد به التشجيع و الترغيب ؛ فإنّ الداعي في مقام الاستغاثة و الالتجاء باللّه تعالى في تعجيل فرج حجة العصر ، فغرضه من سؤال مكان الحسنين عليهماالسلامو الأئمة المظلومين تذكار مظلوميتهم و مصائبهم ؛ ليكون أرغب في تعجيل فرج المنتقِم .
قوله : « حَبَائل » استعير الحبائل للبدع و أقوال الكفر و النفاق ، بمشابهة أنها من صنائع الشيطان و مصائده ؛ ليصيد بها قلوب الضعفاء من المسلمين .
قوله : « أين بابُ اللّه » لمّا كان اللّه تعالى منزَّها عن العلائق الجسمانية ـ على ما هو مبرهَن في الكلام ـ فنسبة الباب أو الوجه لا بدّ أن يكون بضرب من التأويل ، فاستعير له الباب كما استعير له الوجه من باب الاستعارة التخييلية ، فتشبه ذاته الأقدس في النفس بالبيت أو بإنسان ذي وجه استعارة بالكناية ، و الغرض بيان مراتب أمير المؤمنين و عترته المعصومين سلام اللّه عليهم . و كما أنه لا يُؤتى البيت إلا من طريق الباب ، فلا يتيسر معرفة اللّه تعالى إلا ببياناتهم ، و لا يُتوجه إليه تعالى إلا بهم .