201
میراث مکتوب رضوی

قالَ الرِّضا علیه السلام، فَمَعنى الإراداتِ كُلِّها مَعنىً واحِدٌ؟ قالَ سُلَيمانُ. نَعَم، قالَ الرِّضا علیه السلام: فَإن كانَ مَعناها مَعنىً واحِداً كانَت إرادَةُ القيامِ و إرادَةُ القُعودِ و إرادَةُ الحَياةِ و إرادَةُ المَوتِ، إذا كانَت إرادَتُهُ واحِدَةً لَم يَتَقَدَّم بَعضُها بَعضاً و لَم يُخالِف بَعضُها بَعضاً، و كانَ شَيئاً واحِداً، قالَ سُلَيمانُ: إنَّ مَعناها مُختَلِفٌ، قالَ علیه السلام: فَأخبِرني، عن المُريدِ، أ هوَ الإرادَةُ أو غَيرُها؟ قالَ سُلَيمانُ، بَل هوَ الإرادَةُ، قالَ الرِّضا علیه السلام: فَالمُريدُ عِندَكُم يَختَلِفُ إن كانَ هوَ الإرادَةُ، قالَ: يا سَيِّدي، لَيسَ الإرادَةُ المُريدَ، قالَ علیه السلام: فَالإرادَةُ مُحدَثَةٌ، و إلّا فَمَعَهُ غَيرُهُ، افهَم و زِد في مَسألَتِكَ، قالَ سُلَيمانُ: فَإنَّها اسمٌ مِن أسمائِهِ، قالَ الرِّضا علیه السلام: هَل سَمَّى نَفسَهُ بِذَلِكَ؟ قالَ سُلَيمانُ: لا لَم يُسَمِّ نَفسَهُ بِذَلِكَ، قالَ الرِّضا علیه السلام: فَلَيسَ لَكَ أن تُسَمِّيَهُ بِما لَم يُسَمِّ بِهِ نَفسَهُ، قالَ: قَد وَصَفَ نَفسَهُ بِأنَّهُ مُريدٌ، قالَ الرِّضا علیه السلام: لَيسَ صِفَتُهُ نَفسَهُ أنَّهُ مُريدٌ إخباراً عن أنَّهُ إرادَةٌ، و لا إِخباراً عن أنَّ الإرادَةَ اسمٌ مِن أسمائِهِ، قالَ سُلَيمانُ: لِأنَّ إرادَتَهُ عِلمُهُ، قالَ الرِّضا علیه السلام: يا جاهِلُ، فَإذا عَلِمَ الشَّي‏ءَ فَقَد أرادَهُ؟ قالَ سُلَيمانُ: أجَل، قالَ علیه السلام: فَإذا لَم يُرِدهُ لَم يَعلَمهُ؟ قالَ سُلَيمانُ: أجَل، قالَ علیه السلام: مِن أينَ قُلتَ ذاكَ، و ما الدَّليلُ عَلى أنَّ إرادَتَهُ عِلمُهُ و قَد يَعلَمُ ما لا يُريدُهُ‏ أبَداً، و ذَلِكَ قَولُهُ عزّ و جلّ: (وَ لَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ‏‌)، فَهوَ يَعلَمُ كَيفَ يَذهَبُ بِهِ و هوَ لا يَذهَبُ بِهِ أبَداً، قالَ سُلَيمانُ: لِأنَّهُ قَد فَرَغَ مِنَ الأمرِ، فَلَيسَ يَزيدُ فِيهِ شَيئاً، قالَ الرِّضا علیه السلام: هَذا قَولُ اليَهودِ، فَكَيفَ قالَ عزّ و جلّ: (ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ‏‌)؟‏ قالَ سُلَيمانُ: إنَّما عَنى بِذَلِكَ أنَّهُ قادِرٌ عَلَيهِ، قالَ علیه السلام: أ فَيَعِدُ ما لا يَفي بِهِ؟ فَكَيفَ قالَ عزّ و جلّ: (يَزِيدُ فِى ٱلْخَلْقِ مَا يَشَاءُ‏‌)، و قالَ عزّ و جلّ: (يَمْحُوا ٱللَّهُ مَا يَشَاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ‏‌)، ـ و قَد فَرَغَ مِنَ الأمرِ؟ فَلَم يَحِر جَواباً.

قالَ الرِّضا علیه السلام: يا سُلَيمانُ، هَل يَعلَمُ أنَّ إنساناً يَكونُ و لا يُريدُ أن يَخلُقَ إنساناً أبَداً، و أنَّ إنساناً يَموتُ اليَومَ و لا يُريدُ أن يَموتَ اليَومَ؟ قالَ سُلَيمانُ: نَعَم، قالَ الرِّضا علیه السلام: فَيَعلَمُ أنَّهُ يَكونُ ما يُريدُ أن يَكونَ أو يَعلَمُ أنَّهُ يَكونُ ما لا يُريدُ أن يَكونَ؟ قالَ: يَعلَمُ أنَّهُما يَكونانِ جَميعاً، قالَ الرِّضا علیه السلام: إذَن يَعلَمُ أنَّ إنساناً حَيٌّ مَيِّتٌ، قائِمٌ قاعِدٌ، أعمى بَصيرٌ في حالٍ واحِدَةٍ، و هَذا هوَ المُحالُ، قالَ: جُعِلتُ فِداكَ، فَإنَّهُ يَعلَمُ أنَّهُ يَكونُ أحدُهُما دونَ الآخَرِ، قالَ علیه السلام: لا بَأسَ، فَأيَّهُما يَكونُ، الَّذي أرادَ أن يَكونَ أو الَّذي لَم يُرِد أن يَكونَ؟ قالَ


میراث مکتوب رضوی
200

لَم تَزَل، قالَ سُلَيمانُ: لا، لِأنَّهُ لَم يَفعَلها، قالَ الرِّضا علیه السلام: يا خُراسانيُّ، ما أكثَرَ غَلَطَكَ، أ فَلَيسَ بِإرادَتِهِ و قَولِهِ تَكونُ الأشياءُ؟ قالَ سُلَيمانُ: لا، قالَ: فَإذا لَم يَكُن بِإرادَتِهِ و لا مَشيَّتِهِ و لا أمرِهِ و لا بِالمُباشَرَةِ، فَكَيفَ يَكونُ ذَلِكَ، تَعالى اللهُ عن ذَلِكَ.

فَلَم يَحِر جَواباً. ثُمَّ قالَ الرِّضا علیه السلام: أ لا تُخبِرُني، عن قَولِ اللهِ عزّ و جلّ: (وَ إِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا‏‌)؛ يَعني بِذَلِكَ أنَّهُ يُحدِثُ إرادَةَ؟ قالَ لَهُ: نَعَم، قالَ: فَإذا أحدَثَ إرادَةً كانَ قَولُكَ إنَّ الإرادَةَ هيَ هوَ، أُم شَي‏ءٌ مِنهُ باطِلاً؛ لِأنَّهُ لا يَكونُ أن يُحدِثَ نَفسَهُ و لا يَتَغَيَّرُ عن حالِهِ، تَعالى اللهُ عن ذَلِكَ، قالَ سُلَيمانُ: إنَّهُ لَم يَكُن عَنى بِذَلِكَ أنَّهُ يُحدِثُ إرادَةً، قالَ: فَما عَنى بِهِ؟ قالَ: عَنى فِعلَ الشَّي‏ءِ، قالَ الرِّضا علیه السلام: وَيلَكَ كَم تُرَدِّدُ هَذِهِ المَسألَةَ و قَد أخبَرتُكَ أنَّ الإرادَةَ مُحدَثَةٌ؛ لِأنَّ فِعلَ الشَّي‏ءِ مُحدَثٌ؟ قالَ: فَلَيسَ لَها مَعنىً، قالَ الرِّضا علیه السلام: قَد وَصَفَ نَفسَهُ عِندَكُم حَتّى وَصَفَها بِالإرادَةِ بِما لا مَعنى لَهُ، فَإذا لَم يَكُن لَها مَعنىً قَديمٌ و لا حَديثٌ بَطَلَ قَولُكُم إنَّ اللهَ لَم يَزَل مُريداً، قالَ سُلَيمانُ: إنَّما عَنيتُ أنَّها فِعلٌ مِنَ اللهِ لَم يَزَل، قالَ: أ لا تَعلَمُ أنَّ ما لَم يَزَل لا يَكُونَ مَفعولاً و حَديثاً و قَديماً في حالَةٍ واحِدَةٍ. فَلَم يَحِر جَواباً.

قالَ الرِّضا علیه السلام: لا بَأسَ، أتمِم مَسألَتَكَ، قالَ سُلَيمانُ: قُلتُ إنَّ الإرادَةَ صِفَةٌ مِن صِفاتِهِ، قالَ الرِّضا علیه السلام: كَم تُرَدِّدُ عَلَيَّ أنَّها صِفَةٌ مِن صِفاتِهِ و صِفَتُهُ مُحدَثَةٌ؟ أوَ لَم تَزَل؟‏ قالَ سُلَيمانُ؟ مُحَدَثةٌ، قالَ الرِّضا علیه السلام: اللهُ أكبرُ، فَالإرادَةُ مُحدَثَةٌ و إن كانَت صِفَةً مِن صِفاتِهِ لَم تَزَل. فَلَم يَرِد شَيئاً. قالَ الرِّضا علیه السلام: إنَّ ما لَم يَزَل لا يَكونُ مَفعولاً، قالَ سُلَيمانُ: لَيسَ الأشياءُ إرادَةً و لَم يُرِد شَيئاً، قالَ الرِّضا علیه السلام: وُسْوِسْتَ يا سُلَيمانُ، فَقَد فَعَلَ و خَلَقَ ما لَم يُرِد خَلقَهُ و لا فِعلَهُ، و هّذِهِ صِفَةُ مَن لا يَدري ما فَعَلَ، تَعالى اللهُ عن ذَلِكَ، قالَ سُلَيمانُ: يا سَيِّدي، قَد أخبَرتُكَ أنَّها كَالسَّمعِ و البَصَرِ و العِلمِ، قالَ المَأمونُ: وَيلَكَ يا سُلَيمانُ، كَم هَذا الغَلَطُ و التَّرَدُّدُ؟ اقطَع هَذا و خُذ في غَيرِهِ، إذ لَستَ تَقوى عَلى هَذا الرَّدِّ، قالَ الرِّضا علیه السلام: دَعهُ يا أميرَ المُؤمِنينَ لا تَقطَع عَلَيهِ مَسألَتَهُ‏ فَيَجعَلَها حُجَّةً، تَكَلَّم يا سُليَمانُ، قالَ: قَد أخبَرتُكَ أنَّها كَالسَّمعِ و البَصَرِ و العِلمِ، قالَ الرِّضا علیه السلام: لا بَأسَ، أخبِرني عن مَعنى هَذِهِ، أ مَعنىً واحِدٌ، أُم مَعانٍ مُختَلِفَةٌ؟ قالَ سُلَيمانُ: بَل مَعنىً واحِدٌ،

  • نام منبع :
    میراث مکتوب رضوی
    سایر پدیدآورندگان :
    سیدمصطفی مطهری و رضا یاری نیا
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8474
صفحه از 212
پرینت  ارسال به