اللّهمّ واعمم بذلك أعدائك في أقطار البلاد من الجند والروم والتُّرك والخَزرِ ، والحَبَشِ والنّوبَة والزّنج ، والسّقالِبَة والدَّيالِمة وسائر اُمم الشرك الّذين تخفى أسماؤُهم وصفاتهم ، وقد أحْصَيْتَهُم بمعرفتك ، وأشرفت عليهم بقدرتك .
اللّهمّ اشغل المشركين بالمشركين عن تناول أطراف المسلمين ، وخذهم بالنقص عن تنقّصِهم ، وثَبِّطهُم بالفُرقة عن الاحتشاد عليهم .
اللّهمّ اخلُ قلوبهم من الأمنةِ ، وأبدانهم من القوّة ، واذهِلْ قلوبهم عن الاحتيال ، واوهنْ أركانهم عن مُنازلة الرجال ، وجَبِّنهُم عن مُقَارعَةِ الأبطال ، وابْعَث عليهم جُندا من ملائكتك ببأسٍ من بأسك ، كفِعلك يوم بدر ، تقطعُ به دابِرهُم ، وتحْصدُ به شوكتهم ، وتفرّق به عددهم .
اللّهمّ وامزج مياههم بالوباء ، وأطعمتهُم بالأدواء ، وارمِ بلادَهم بالخُسوف ، وألِّحَ عليها بالقُذوف ، وافْرعها بالمُحُول ، واجعل مِيَرَهم في احصّ أرضك ، وابْعَدها عنهم ، وَامْنَعْ حصونها منهم ، اصِبْهُم بالجوع المُقيم ، والسُّقم الأليم .
اللّهمّ وأيّما غازٍ غزاهم من أهل ملّتك ، أو مجاهد جاهَدَهُم من أتباع سُنّتك ، ليكون دينُك الأعلى ، وحزبك الأقوى ، وحظّك الأوفى ، فَلِقّه اليسر ، وهيّئ له الأمر ، وتَوَلَّهُ بالنُّجح ، وتخيّر له الأصحاب ، وَاسْتَقْوِ له الظّهر ، واسبغ عليه في النفقة ، ومتّعه بالنشاط ، وَأطِفْ عنه حرارة الشّوق ، واجِزْه من غمّ الوحشة ، وآنِسْه ذكر الأهل والولد ، واثرْ له حُسن النيّة ، وتولّه بالعافية ، وَاصْحِبهُ السَّلامة ، واعْفِه من الجبْن ، وَألْهِمه الجرأة ، وارزقه الشدّة ، وأيّده بالنصرة ، وعلّمه السير والسُّنن ، وسدّده في الحكم ، واعزل عنه الرياء ، وخلّصه من السُّمعة ، واجعل فكره وذكره وظعنه وإقامته فيك ولك ، فإذا صافّ عدُوَّك وعدوَّه فقلّلهم في عينه ، وصَغِّر شأنهم في قلبه ، وادِلْ له منهم ولا تُدلهُم منه ، فإن ختمت له بالسعادة ، وقضيت له بالشهادة ، فبعد أن يحتاج عدُوّك بالقتل ، وبعد أن يجهد بهمُ الأسر ، وبعد أن تأمن أطراف المسلمين ، وبعد أن يُولّي عدوُك مدبرين .