59
بلاغة الامام علي بن الحسين علیه السلام

اللّهمّ واعمم بذلك أعدائك في أقطار البلاد من الجند والروم والتُّرك والخَزرِ ، والحَبَشِ والنّوبَة والزّنج ، والسّقالِبَة والدَّيالِمة وسائر اُمم الشرك الّذين تخفى أسماؤُهم وصفاتهم ، وقد أحْصَيْتَهُم بمعرفتك ، وأشرفت عليهم بقدرتك .
اللّهمّ اشغل المشركين بالمشركين عن تناول أطراف المسلمين ، وخذهم بالنقص عن تنقّصِهم ، وثَبِّطهُم بالفُرقة عن الاحتشاد عليهم .
اللّهمّ اخلُ قلوبهم من الأمنةِ ، وأبدانهم من القوّة ، واذهِلْ قلوبهم عن الاحتيال ، واوهنْ أركانهم عن مُنازلة الرجال ، وجَبِّنهُم عن مُقَارعَةِ الأبطال ، وابْعَث عليهم جُندا من ملائكتك ببأسٍ من بأسك ، كفِعلك يوم بدر ، تقطعُ به دابِرهُم ، وتحْصدُ به شوكتهم ، وتفرّق به عددهم .
اللّهمّ وامزج مياههم بالوباء ، وأطعمتهُم بالأدواء ، وارمِ بلادَهم بالخُسوف ، وألِّحَ عليها بالقُذوف ، وافْرعها بالمُحُول ، واجعل مِيَرَهم في احصّ أرضك ، وابْعَدها عنهم ، وَامْنَعْ حصونها منهم ، اصِبْهُم بالجوع المُقيم ، والسُّقم الأليم .
اللّهمّ وأيّما غازٍ غزاهم من أهل ملّتك ، أو مجاهد جاهَدَهُم من أتباع سُنّتك ، ليكون دينُك الأعلى ، وحزبك الأقوى ، وحظّك الأوفى ، فَلِقّه اليسر ، وهيّئ له الأمر ، وتَوَلَّهُ بالنُّجح ، وتخيّر له الأصحاب ، وَاسْتَقْوِ له الظّهر ، واسبغ عليه في النفقة ، ومتّعه بالنشاط ، وَأطِفْ عنه حرارة الشّوق ، واجِزْه من غمّ الوحشة ، وآنِسْه ذكر الأهل والولد ، واثرْ له حُسن النيّة ، وتولّه بالعافية ، وَاصْحِبهُ السَّلامة ، واعْفِه من الجبْن ، وَألْهِمه الجرأة ، وارزقه الشدّة ، وأيّده بالنصرة ، وعلّمه السير والسُّنن ، وسدّده في الحكم ، واعزل عنه الرياء ، وخلّصه من السُّمعة ، واجعل فكره وذكره وظعنه وإقامته فيك ولك ، فإذا صافّ عدُوَّك وعدوَّه فقلّلهم في عينه ، وصَغِّر شأنهم في قلبه ، وادِلْ له منهم ولا تُدلهُم منه ، فإن ختمت له بالسعادة ، وقضيت له بالشهادة ، فبعد أن يحتاج عدُوّك بالقتل ، وبعد أن يجهد بهمُ الأسر ، وبعد أن تأمن أطراف المسلمين ، وبعد أن يُولّي عدوُك مدبرين .


بلاغة الامام علي بن الحسين علیه السلام
58

اللّهمّ صلِّ على محمّد وآله وكثّر عِدّتهم ، وَاشْحذْ أسلحتهم ، واحرس حوزتهم ، وامنع حومتهم ، وَألّف جمعهم ، وَدبّر أمرهم ، وَواتِرْ بين ميرهم ، وتوحّد بكفاية مُؤنهم ، واعضدهم بالنصر ، واعنهُم بالصبر ، والْطف لهم في المكر .
اللّهمّ صلِّ على محمّد وآله ، وعرّفهم ما يجهلون ، وعلّمهم ما لا يعلمون ، وبصّرهُم ما لا يُبصرون .
اللّهمّ صلِّ على محمّد وآله ، وانسِهم عند لقائهم العدوّ ذكر دنياهم الخَدّاعة الغرور ، وامحِ عن قلوبهم خطرات المال الفتون ، واجعل الجنّة نصب أعينهم ، ولوّح منها لأبصارهم ما أعددت فيها من مساكن الخلد ، ومنازل الكرامة ، والحور الحسان ، والأنهار المطّردة بأنواع الأشربة ، والأشجار المُتدليّة بصنوف الثمر حتّى لا يهمُ أحد منهم بالإدبار ، ولا يُحدّث نفسه عن قرنه بفرار .
اللّهمّ افلُل بذلك عدوّهم ، واقلم عنهم أظفارهم ، وفرّق بينهم وبين أسلحتهم ، واخلع وثائق أفئدتهم ، وباعد بينهم وبين أزودتهم ، وحيّرهُمُ في سُبُلهم ، وضَلّلهُم عن وجههم ، واقطع عنهم المدَد ، وانقُص منهم العدد ، واملأ أفئدتهم الرعب ، واقبِضْ أيديهم عن البسط ، واخرم ألسنتهم عن النطق ، وشرّد بهم من خلفهم ، ونكِّل بهم من ورائهم ، واقطع بخزيهم أطماع مَنْ بَعدَهُم .
اللّهمّ عقّم أرحام نسائهم ، ويبّس أصلاب رجالهم ، واقطع نسل دوابّهم وأنعامهم ، لا تأذنُ لسمائهم في قطر ، ولا لأرضهم في نبات .
اللّهمّ وقوِّ بذلك محالّ أهل الإسلام ، وحصّن به ديارهم ، وثمّر به أموالهم ، وفرّغهم عن محاربتهم لعبادتك ، وعن مُنابَذَتِهم للخلوة بك حتّى لا يُعبد في بقاع الأرض غيرك ، ولا تُعفّر لأحد منهم جبهةٌ دونك .
اللّهمّ أعز بكل ناحية من المسلمين على من بإزائِهم من المشركين ، وامددهم بملائكة من عندك مُردِفين ، حتّى يكشفوهم إلى منقطَع التراب قتلاً في أرضك وأسرا ، أو يُقِرّوا بأنّكَ أنت اللّه الّذي لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين علیه السلام
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تحقیق: جعفر عباس الحائری
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2375
صفحه از 336
پرینت  ارسال به