45
بلاغة الامام علي بن الحسين علیه السلام

(ومن كلام له عليه السلام)

(في النهي عن الاغترار بما يعمله المرائي)

۰.قال : إذا رأيتم الرجل قد حَسَّنَ سَمْتَه وَهَدْيَه ، وتماوت في منطقه ، وتخاضع في حركاته ، فرويدا لا يغرّنكم ، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا ، وركوب الحرام منها ، لضعف نيته ۱ ومهانته ، وجبن قلبه ، فنصب الدين فخّا لها ، فهو لا يزال يختلّ ۲ الناس بظاهره ، فإن تمكّن من حرام اقتحمه ، وإذا وجدتموه يعفّ المال الحرام فرويدا لا يغرّنكم ، فإنّ شهوات الخلق مختلفة ، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام وإن كثر ، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة ، فيأتي منها محرما ، فإذا وجدتموه يعف عن ذلك ، فرويدا لا يغرّنكم حتّى تنظروا ما عقده عقله ، فما أكثر من ترك ذلك أجمع ، ثُمَّ لا يرجع إلى عقل متين ، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله ، فإذا وجدتم عقله متينا ، فرويدا لا يغرّنكم حتّى تنظروا أمع هواه يكون عقله ، أم يكون مع عقله هواه؟ وكيف محبّته للرياسات الباطلة وزهده فيها ، فإنّ في الناس من خسر الدنيا والآخرة ، يترك الدنيا للدنيا ، ويرى أنّ لذّة الرياسة الباطلة ، أفضل من لذّة الأموال ، والنعم المباحة المحلّلة ، فيترك ذلك أجمع طَلَبا للرياسة ، حتّى إذا قيل له : اتّقِ اللّه « أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالاْءِثْمِ فَحَسْبُهُو جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ » ۳ ، فهو يخبط خبط عشواء ، يقوده أوّل باطل إلى أبعد غايات الخسارة ، ويمدّه ربّه ۴ بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه ، فهو يحلّ ما حرّم اللّه ، ويحرّم ما أحلّ اللّه ، لا يبالي ما فات من دينه ، إذا سلمت له

1.في بعض المصادر : «قيمته» ، وفي بعض : «بنيته» .

2.في بعض المصادر : «يخيل» ، وفي بعض : «يحيل» .

3.البقرة : ۲۰۶ .

4.في بعض النسخ : «يمدّ يده» .


بلاغة الامام علي بن الحسين علیه السلام
44

وقد علمت صاحبة الحدث والمستحفظون ۱ من آل محمّد صلى الله عليه و آله أنّ أصحاب الجمل ، وأصحاب صفّين ، وأصحاب النهروان ، لعِنوا على لسان النبيّ الاُمّي ، وقد خاب من افترى .
فقال شيخ من أهل الكوفة : يا عليّ بن الحسين ، إنّ جدّك كان يقول : إخواننا بَغَوا علينا !
فقال عليّ بن الحسين عليه السلام : أما تقرأ كتاب اللّه : « وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا » ۲ ! فهم من مثلهم ، أنجى اللّه عز و جل هود ا والّذين معه ، وأهلك عاد ا بالريح العقيم . ۳

(ومن وصيّة له عليه السلام)

(لابنه محمّد بن عليّ ـ صلوات اللّه عليه ـ في أنّه الإمام من بعده)

۰.قال عليه السلام : يا بُنيّ ، إنّي جعلتك خليفتي من بعدي ، لا يدّعي فيما بيني وبينك أحد ، إلاّ قلّده اللّه يوم القيامة طوقا من النار ، فأحمد اللّه على ذلك وأشكره ، يا بنيّ ، اشكر لمن أنعم عليك ، وأنعم على من شكرته ، فإنّه لا يزول نعمة إذا شُكرت ، ولا بقاء لها إذا كُفرت ، والشاكر يشكره أسعد منه بالنعمة الّتي وجب عليه بها الشكر . وتلا عليّ بن الحسين عليه السلام : « لَـلـءِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَـلـءِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ » ۴ . ۵

1.قُرئت بوجهين ، بالبناء للفاعل ، والمعنى استحفظوا الأمانة ، أي حفظوها ، والبناء للمفعول ، والمعنى استحفظهم اللّه إيّاها ، والمراد هم الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام . (مجمع البحرين ، مادة حفظ)

2.الأعراف : ۶۵ .

3.الاحتجاج ، ج۲ ، ص۴۰ .

4.إبراهيم : ۷ .

5.كفاية الأثر ، ص۲۴۱ .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين علیه السلام
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تحقیق: جعفر عباس الحائری
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2368
صفحه از 336
پرینت  ارسال به