201
بلاغة الامام علي بن الحسين علیه السلام

الثياب وأخشنها ۱ ، وأوحش المنازل ، وأعظم العذاب . ۲

۲۱۵.وعن الزُّهري قال :سمعت عليّ بن الحسين عليهماالسلام يقول : مَن لم يتعزَّ بعزاء اللّه ۳ ، تقطّعت نفسه على الدنيا حسرات ، واللّه ما الدنيا وما الآخرة إلاّ ككفّتي الميزان ، فأيّهما رجح ، ذهب ۴ بالآخر . ثُمَّ تلا قوله تعالى في سورة الواقعة : « إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ » ۵ يعني القيامة « لَيْسَ لَوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ »نن ، خفضت واللّه أعداء اللّه إلى النار « رَّافِعَةٌ » ۶ رفعت واللّه أولياء اللّه إلى الجنّة .
ثُمَّ أقبل على رجل من جلسائه ، فقال له : اتّقِ اللّه ، واجمل في الطّلب ، ولا تطلب ما لم يُخلق ، فإنّ من طلب ما لم يخلق ، تقطّعت نفسه حسرات ، ولم يَنل ما طلب . ثُمَّ قال : كيف يُنال ما لا يُخلق؟
فقال الرجل : فكيف يطلب ما لم يُخلق؟
فقال عليه السلام : مَن طلب الغنى والأموال والسعة في الدنيا ، فإنّما يطلب ذلك للراحة ، والراحة لم تخلق في الدنيا ، ولا لأهل الدنيا ، إنّما خُلقت الراحة في الجنّة ، ولأهل الجنّة ، والتعبُ والنَّصَبُ خُلقا في الدنيا ولأهل الدنيا ، وما اُعطي أحدٌ منها جفنة ۷ إلاّ اُعطي من الحرص مثليها . ومن أصاب من الدنيا أكثر ، كان فيها أشدّ فقرا ؛ لأنّه يفتقر إلى الناس في حفظ أمواله ، ويفتقر إلى كلّ آلة من آلات الدنيا . فليس في غنى الدنيا راحة ، ولكن الشيطان يوسوس إلى ابن آدم أنّ له في جميع

1.في نسخةٍ : «أثخنها» .

2.الاعتقادات ، الصدوق ، ص۳۱ ؛ معاني الأخبار ، ص۲۸۹ ؛ بحار الأنوار ، ج۶ ، ص ۱۵۵ .

3.أراد بالتعزّي في هذا الحديث التأسّي والتصبّر عند المصيبة ، وأن يقول : « إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّـآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ » . وقوله : «بعزاء اللّه » أي : بتعزية اللّه تعالى إيّاه ، فأقام الاسم مقام المصدر . (النهاية ، ابن الأثير ، ج ۳ ، ص ۲۳۳)

4.في نسخةٍ : «نصب» .

5.. سورة الواقعة ، الآيات ۱ ـ ۳ .

6.«الجفنة» ـ بالفتح ـ : القصعة الكبيرة .


بلاغة الامام علي بن الحسين علیه السلام
200

قد قتلونا ، ولعنوا مولانا أمير المؤمنين عليه السلامعلى المنابر والمنارات ، والأسواق والطرقات ، حتّى أنّهم يجتمعوا في مسجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فيلعنون عليّا علانية ، ولا يُنكر أحدٌ ذلك ، فإذا قام أحد ينكره ، أخذوه وقالوا :هذا رافضيّ ، أبو ترابيّ ، وجاؤوا به إلى أميرهم ، ويقولون : «هذا ذكر أبا تراب» ، ثُمَّ بعدئذٍ قتلوه . فلما سمع الإمام عليه السلامذلك ، حتّى نظر إلى السماء .
فقال عليه السلام : سبحانكَ سيّدي ما أحلمك ، وأعظم شأنك في حلمكَ ، وأعلى سلطانك ، يا ربّ قد مهلت عبادك في بلادك حتّى ظنّوا أنّك مهلتهم أبدا ، وهذا كلّه بعينك لا يُغالب قضاؤك ، ولا يُردّ المحتوم من تدبيرك ، كيف شئت وأنت أعلم به منّا . ۱

۲۱۲.وقال عليه السلام :إذا قدرت على عدوّك ، فاجعل العفو شكرا للقدرة عليه ، فإنّ العفو عن قدرة فضلٌ من الكرم . ۲

۲۱۳.وقال عليه السلام :العفو زكاة الظفر ، وأولى الناس بالعفو ، أقدرهم للعقوبة . ۳

۲۱۴.وقيل له :ما الموت؟
فقال عليه السلام : للمؤمن كنزع ثياب وسخة ، وسخط قُمّلة ، وفكّ قيود ، وأغلال ثقيلة ، والاستبدال بأفخر الثياب ، وأطيبها روائح ، وأوطِئ المراكب ، وأَنَسْ المنازل . وللكافر كخلع ثياب فاخرة ، والنقل عن منازل أنيسة ، والاستبدال بأوسخ

1.إلزام الناصب ، ج۱ ، ص۱۳۷ ؛ الدمعة الساكبة ، ج۶ ، ص۳۴ ؛ بحار الأنوار ، ج۹۴ ، ص۱۲۴.

2.لئالئ الأخبار ، ج۲ ، ص۱۶۲ . ويقول أحد الحكماء : إنَّ لذّة العفو أطيب من لذّة التشفّي ، لأنّ لذّة العفو يلحقها حمدُ العاقبة ، ولذّة التشفّي تلحقها الندامة . ويقول الشاعر الفارسي : با تو گويم كه چيست غايت حلم؟هركه زهرت دهد ، شِكر بخشش هركه بخراشدت جگر به جفاهمچو خان كريم ، زر بخشش كم مباش از درخت سايه فكنهركه سنگش زند ، ثمر بخشش

3.لئالئ الأخبار ، ج ۲ ، ص ۱۶۲ .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين علیه السلام
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تحقیق: جعفر عباس الحائری
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2436
صفحه از 336
پرینت  ارسال به