45
تفسیر ابی الجارود و مسنده

(ت ۲۴۷ه )۱. ورغم أنّ هذه الرواية قريبة للغاية من حياة أبي الجارود، إلّا أنّها ترتبط مع ذلك بالعهد الذي نقل فيه الحسن بن محبوب (ت ۲۲۴ه ) رواية لوح فاطمة عليها السلام التي وردت الإشارة فيها إلى أسماء الأئمّة الاثني عشر عن أبي الجارود، ولذلك فإنّ من الصعوبة بمكان الإذعان بأنّ وجهة نظر أبي الجارود بمثل هذه العقيدة بالإمامة حول الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام تطابق عقائد فرقة الجارودية.
وذكرنا في القسم المتعلّق بأصله ونسبه أنّ بعض أرباب الملل والنحل ذكروا اسماً آخر لرئيس الجارودية عند ذكر اسمه وكنيته، ومع كلّ ذلك فإنّنا نرى بين الأحاديث رواية تدلّ على أنّ فرقة الجارودية كانت معروفة في عهد الإمام الصادق عليه السلام ، كما روي في حالات محمّد بن الإمام الصادق عليه السلام أنّ الجاروديين كانوا يلازمونه‏۲.
وعلى هذا الأساس فلو كان المؤسّس للجارودية شخصاً غير أبي الجارود المعروف، لكان من المفترض أن ينقل خبر ذلك. نعم، من الممكن أن يكون أبو الجارود قد جمع حول نفسه جماعة بعد استشهاد زيد كي يواصل ثورته، إلّا أنّ نسبة هذه العقائد إليه شخصياً لا يمكن إثباتها، ومن المحتمل أن يكون هنالك أشخاص آخرون من هذه الفرقة قد انتحلوا العقائد المذكورة،، كما أنّه يحتمل أيضاً أن يكون قد أعرض عن الإمام الصادق عليه السلام غضباً منه، ظنّاً منه أن الإمام الصادق عليه السلام كان يعارض زيداً، ثم تاب، إلّا أنّ أتباعه واصلوا طريقة واللَّه أعلم.

1.مروج الذهب: ج ۳ ص ۲۲۰.

2.البصائر: «حدّثنا أحمد بن موسى عن محمّد بن أحمد المعروف بغزال، عن أبي عمر الدماري، عمّن حدّثه، قال: جاء رجل إلى أبي عبداللَّه عليه السلام وكان له أخ جارودي، فقال له أبو عبداللَّه: كيف أخوك؟ قال: جُعلت فداك، خلّفته صالحاً، قال: وكيف هو ؟ قال: قلت: هو مرضيّ في جميع حالاته وعنده خير، إلّا أنّه لا يقول بكم، قال: وما يمنعه؟ قال قلت: جُعلت فداك يتورّع»؟ بصائر الدرجات: ص ۲۶۹. تيسير المطالب (ص ۱۹): «قال: وسمعت مؤملاً يقول: رأيت محمّد بن جعفر عليه السلام يخرج إلى الصلاة بمكّة في شبيه ثمانين رجلاً من الجارودية، عليهم ثياب الصوف، وسيماء الخير فيهم ظاهر». كشف الغمّة (ج ۲ ص ۱۸۱): «وكان محمّد بن جعفر سخياً شجاعاً، وكان يصوم يوماً، ويفطر يوماً ورأى رأي الزيدية في الخروج بالسيف... وخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة بمكّة، وتبعه الزيدية الجارودية، فخرج لقتاله عيسى الجلودي، ففّرق جمعه وأخذه فأنفذه إلى المأمون».


تفسیر ابی الجارود و مسنده
44

ولا يروي النجاشي إلّا تغيّر مذهبه، ويسكت عن نسبة الفرقة الجارودية إليه‏۱.
ويقول المسعودي نقلاً عن هارون بن الورّاق: «الجارودية أصحاب أبي الجارود زياد بن المنذر العبدي، ويعتقدون بأنّ الإمامة منحصرة بأولاد الإمام الحسن والإمام الحسين عليهم السلام ».۲
وذكر النوبختي (ق‏۳) قائلاً: «ترى الجارودية أنّ الإمامة منحصرة بعد عليّ عليه السلام في الإمام الحسن، ثمّ في الإمام الحسين عليه السلام ، ويجعلونها بعدهما في أولاد ذينك الإمامين الصالحين. والجارودية هم الذين سُمّوا ب السرحوبية، وزياد بن المنذر هو الشخص المعروف بأبي الجارود، ولقّبه الإمام الباقر عليه السلام بسرحوب، وقال: إنّ سرحوب اسم شيطان يسكن البحر، وكان أبو الجارود أعمى في الظاهر والباطن»۳.
ونقل سعد بن عبداللَّه الأشعري وعليّ بن إسماعيل الأشعري ما يشبه هذه الرواية۴.
ولأنّ تاريخ حياة أبي الجارود يكتنفها الغموض بعد ثورة زيد وشهادته، ولم تُنقل أيّة رواية واضحة حوله، لذلك لا يمكن أن نقدّم تقييماً واضحاً عن هذا العهد. وما نقل عن علماء الرجال هو اعتناقه للمذهب الزيدي فحسب. وقد قال الشيخ الطوسي: إنّ جماعة الجارودية منسوبة إليه، إلّا أنّ النجاشي لم يقل شيئاً في هذا المجال ولم يذكر سوى تغيّر مذهبه. ولم يتعرّض ابن الغضائري والبرقي إلى مذهبه.
واستناداً إلى ما تحصّل لدينا، فإنّ أوّل رواية حول انتساب الجارودية إلى أبي الجارود، هي رواية المسعودي التي نقلها عن أبي عيسى محمّد بن هارون الورّاق

1.رجال النجاشي: ص ۱۷۰ ح ۸۴۴ .

2.مروج الذهب: ج ۳ ص ۲۲۰.

3.فرق الشيعة للنوبختي : ص ۵۳ - ۵۹ .

4.كتاب المقالات والفرق لسعد بن عبداللَّه الأشعري : ص ۱۸ - ۱۹ و ص ۷۰ - ۷۴؛ مقالات الإسلاميين، لعلي بن إسماعيل الأشعري : ص ۶۵ - ۶۷ ؛ وراجع : الفرق بين الفرق للإسفرايني : ص ۳۰ - ۳۲ ؛ الملل والنحل : ج ۱ ص ۱۵۴ - ۱۵۹.

  • نام منبع :
    تفسیر ابی الجارود و مسنده
    سایر پدیدآورندگان :
    علي شاه‌ علي‌زاده
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13841
صفحه از 416
پرینت  ارسال به