17
تفسیر ابی الجارود و مسنده

سوى اللَّه والمطهّرين الذين هم الراسخون في العلم. وقد نزلت تلك الحقيقة السامية من مكانتها على شكل المصحف الموجود. يقول اللَّه عزّ و جلّ : «إِنَّآ أَنزَلْنَهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَرَكَةٍ»۱.«وَ قُرْءَانًا فَرَقْنَهُ لِتَقْرَأَهُ‏و عَلَى النَّاسِ عَلَى‏ مُكْثٍ وَ نَزَّلْنَهُ تَنزِيلاً»۲.
واستناداً إلى مفاد بعض الروايات، فإنّ أدنى مرتبة للقرآن التي هي في متناول الجميع وفهمهم سُميت «ظهر» القرآن، وتلك الحقيقة المكنونة والمراتب الأعلى من مرتبة «الظهر» سُميت «بطن» القرآن، أو «بطونه».

وفي علل الشرائع: قال الإمام الباقر عليه السلام استناداً إلى قوله تعالى: «قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَعَنَا عِندَهُ إِنَّآ إِذًا لَّظَلِمُونَ »۳: «هُوَ فِي الظّاهِرِ ما تَفهَمونَهُ، هُوَ وَاللَّهِ فِي الباطِنِ هذا بِعَينِهِ. يا إبراهيمُ! إنَّ لِلقُرآنِ ظاهِراً وباطِناً...»۴.
وبما أنّ «ظهر» القرآن هو أدنى مراتب تلك الحقيقة السامية، فقد سُمّيت في الروايات «تنزيل» القرآن، وسُمّيت المراتب قبل التنزيل والتي تعتبر البطن ب «التأويل». وقد جاء في حديث للإمام الباقر عليه السلام : «ظهره تنزيله، وبطنه تأويله ...»۵.
ويتحصّل من الإيضاحات السابقة أنّ تأويل القرآن ما هو إلّا بطن القرآن، وأنّ العلم بحقيقته لا يرقى إليه عامّة الناس ولا يعلم به إلّا المتعلّمون في مدرسة الوحي، أي الراسخون في العلم.

القسم الأوّل: نبذة من حياة أبي الجارود

۱. أصله ونسبه‏

هو زياد بن المنذر المعروف بأبي الجارود۶. وقد سجّل ابن النديم اسمه: زياد بن

1.الدخان: ۳.

2.الإسراء: ۱۰۶.

3.يوسف: ۷۹.

4.علل الشرائع: ج ۲ ص ۶۰۹ ح ۸۱ ؛ وراجع أيضاً: المحاسن: ج ۱ ص ۳۷۰ ح ۳۶۰.

5.بصائر الدرجات: ص ۲۱۶.

6.الجارودي، بفتح الجيم وضمّ الراء وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى الجارود، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب. الأنساب: ج ۲ ص ۸ .


تفسیر ابی الجارود و مسنده
16

للّفظ، وقد أسّس ابن تيمية الحرّاني الدمشقي (۷۲۸ه ) هذه النظرية۱، وتابعه الشيخ محمّد عبده - المفسّر المصري المعروف - على ذلك‏۲.
وقال آخرون: إنّ «التأويل» يُطلق على الاستنتاج الذي يكون على خلاف ظاهر النصّ إلّا أنّ الوضع السابق هو المعنى الظاهر، وفي الحقيقة فإنّه إحالة الوجه الخارجي إلى المعنى الداخلي‏۳.
وقد جاء التأويل في كثير من روايات أهل البيت عليهم السلام بمعنى الباطن، وعلى سبيل المثال فقد نقل في بصائر الدرجات عن الفضيل بن يسار: سألتُ أبا جعفر عليه السلام عن هذه الرواية: ما من القرآن آية إلّا ولها ظهر وبطن، فقال: «ظَهرُهُ تَنزيلُهُ، وبَطنُهُ تَأويلُهُ...»۴.

المقصود من «تأويل» آيات القرآن‏

استناداً إلى ما ورد في معنى التأويل في أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، يمكن أن نستنتج أنّ المقصود من تأويل القرآن هو التوصّل إلى حقيقة القرآن السامية، أي أنّ القرآن الكريم يتمتّع بمكانة وحقيقة رفيعة المستوى ذُكرت في القرآن نفسه بهذه الأوصاف: اللوح المحفوظ : «بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ * فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظِ »۵، الكتاب المكنون: «إِنَّهُ‏و لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ * فِى كِتَبٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ‏و إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِ‏ّ الْعَلَمِينَ »۶. وأمّ الكتاب: «حم * وَ الْكِتَبِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَهُ قُرْءَ نًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَ إِنَّهُ‏و فِى أُمِ‏ّ الْكِتَبِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ »۷.
ويتحصّل من مفاد هذه الآيات أنّ هذا الكتاب الإلهي له في تلك المكانة السامية وجود بسيط وجمعي محفوظ ومكنون من المدنّسين، وهو ليس في متناول أحد

1.اُنظر: مجموعة الرسائل الكبرى: ج ۲ ص ۱۵ - ۲۰.

2.راجع: منشور جاويد قرآن «بالفارسية»، جعفر السبحاني: ج ۳ ص ۲۲۹.

3.راجع: دائرة المعارف بزرك إسلامي «بالفارسية»: ج ۱۵ ص ۳۷۱.

4.بصائر الدرجات: ص ۲۱۶.

5.البروج: ۲۱ - ۲۲.

6.الواقعة: ۷۷ - ۸۰ .

7.الزخرف: ۱ - ۴.

  • نام منبع :
    تفسیر ابی الجارود و مسنده
    سایر پدیدآورندگان :
    علي شاه‌ علي‌زاده
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13576
صفحه از 416
پرینت  ارسال به