215
تفسیر ابی الجارود و مسنده

تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَتُ وَأُو لَل-ِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ » .
عبادَ اللَّهِ! إنّا نَدعوكُم إلى‏ «كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيًْا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ »۱ ، إنّ اللَّهَ دَمّرَ قَوماً اتّخَذوا أحبارَهُم ورُهبانَهُم أرباباً مِن دونِ اللَّهِ .
عبادَ اللَّهِ! كأنَّ الدُّنيا إذا انقَطَعَت وتَفَضَّت لَم تَكُن ، وكأنَّ ما هُوَ زائِلٌ عَنَّا قَد رَحَلَ ، فسارِعوا فِي الخَيرِ ، وَاكسِبوا المَعروفَ ، تَكونوا مِنَ اللَّهِ بِسَبيلٍ ؛ فَإنَّهُ مَن سارَعَ فِي الشَّرِّ وَاكتَسَبَ المُنكَرَ ليسَ مِنَ اللَّهِ في شَي‏ءٍ .
أنا اليَومَ أتَكَلَّمُ وتَسمَعونَ ولا تَنظُرونَ ، وغَداً بَينَ أظهركم هامِدٌ فتَندَمونَ ، ولكِنّ اللَّهَ يَنصُرُني إذا رَدَّني إلَيهِ ، وهوَ الحاكِمُ بَينَنا وبَينَ قَومِنا بِالحَقِّ ، فَمَن سَمِعَ دَعوَتَنا هذهِ الجامِعَةَ غيرَ المُفَرِّقَةِ ، العادِلَةَ غَيرَ الجائِرَةِ ، فَأجابَ دَعوَتَنا ، وأنابَ إلى‏ سَبيلِنا ، وجاهَدَ بِنَفسِهِ نَفسَهُ ، ومَن يَليهِ مِن أهلِ الباطِلِ ودَعائِمِ النِّفاقِ ، فَلَهُ ما لَنا وعَلَيهِ ما عَلَينا ، ومَن رَدَّ عَلَينا دَعوَتَنا وأبى‏ إجابَتَنا ، وَاختارَ الدُّنيا الزّائِلَةَ الآفِلَةَ عَلى‏ الآخِرَةِ الباقِيَةِ ، فَاللَّهُ مِن اُولئِكَ بَري‏ءٌ ، وهُوَ يَحكُمُ بَيننَا وَبَينَكُم .
إذا لَقيتُمُ القَومَ فَادعوهُم إلى‏ أمرِكُم ، فَلأَن يَستجيبَ لَكُم رَجُلٌ واحِدٌ خَيرٌ لَكُم مِمّا طَلَعَت عَليهِ الشَّمسُ مِن ذَهَبٍ وفِضّةٍ ، وعَلَيكُم بِسيرَةِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام بَالبَصرَةِ وَالشّامِ : لا تَتَّبِعوا مُدبِراً ، ولا تُجهِزوا على‏ جَريحٍ ، ولا تَفتَحوا باباً مُغلَقاً ، وَاللَّهُ على‏ ما أقولُ وَكيلٌ .
عِبادَ اللَّهِ! لا تُقاتِلوا عَدُوَّكُم علَى الشَّكِّ فَتَضِلّوا عَن سَبيلِ اللَّهِ ، ولكنِ البَصيرَةَ ثُمَّ القِتالَ ، فَإنَّ اللَّهَ يُجازي عَنِ اليَقينِ أفضَلَ جَزاءٍ يَجزي بِهِ عَلَى الحَقِّ . إنَّهُ مَن قَتَلَ نَفساً يَشُكُّ في ضَلالَتِها كَمَن قَتَلَ نَفساً بِغَيرِ حَقٍّ . عِبادَ اللَّهِ ! البَصيرَةَ البَصيرَةَ .
قالَ أبو الجارودِ : فقُلتُ لَهُ : يَا بنَ رَسولِ اللَّهِ ، يَبذُلُ الرَّجُلُ نَفسَهُ على‏ غَيرِ بَصيرَةٍ ؟! قالَ : نَعَم ، إنَّ أكثَرَ مَن تَرى‏ عَشِقَت نُفوسُهُمُ الدُّنيا ، فَالطَّمَعُ

1.آل عمران : ۶۴ .


تفسیر ابی الجارود و مسنده
214

۲ / ۲ - الآيَة «۱۰۵»

« وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَتُ وَأُولَائِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ » .

۳۰۲.تيسير المطالب : قال: أخبرنا أبو عبداللَّه أحمد بن محمّد البغدادي، قال: حدّثنا أبو القاسم عبدالعزيز بن إسحاق بن جعفر الكوفي، قال: حدّثنا أحمد بن عبدالجبّار، قال: حدّثني موسى بن إبراهيم المروزي، قال: حدّثني إسحاق بن محمّد بن عبداللَّه التميمي، عن أبي الجارود، أنّ زيدَ بنَ علِيٍّ عليهما السلام خَطَبَ أصحابَهُ حينَ ظهَر ، فقالَ :
الحَمدُ للَّهِ الّذي مَنَّ عَلَينا بِالبَصيرَةِ ، وجَعلَ لَنا قُلوباً عاقِلَةً ، وأسماعاً واعِيَةً. قَد أفلَحَ مَن جَعَلَ الخَيرَ شِعارَهُ ، وَالحَقَّ دِثارَهُ ، وَصلّى‏ اللَّهُ عَلى‏ خَيرِ خَلقِهِ الّذي جاءَ بِالصِّدقِ مِن عندِ رَبِّهِ وصَدّقَ بِهِ ، الصادِقِ مُحمَّّدٍ صَلّى‏ اللَّهُ عَلَيهِ وعَلى‏ آلِهِ الطّاهِرينَ مِن عِترَتِهِ واُسرَتِهِ ، وَالمُنتَجَبينَ مِن أهلِ بَيتهِ وأهلِ وَلايَتهِ .
أيُّها النّاسُ ! العَجَلَ العَجَلَ قبلَ حُلولِ الأَجلِ وَانقِطاعِ الأمَلِ ، فَوَراءكُم طالِبٌ‏۱ لا يَفوتُهُ هارِبٌ ، إلّا هارِبٌ هرَبَ منهُ إلَيهِ ، ففِرّوا إلى اللَّهِ بِطاعَتهِ ، وَاستَجيروا بِثَوابهِ مِن عِقابهِ ، فقَد أسمَعَكُم وبَصَّركُم ، ودَعاكُم إلَيهِ وأنذرَكُم ، وأنتُمُ اليَومَ حُجّةٌ على‏ مَن بَعدَكُم ، إنّ اللَّهَ تعالى‏ يقولُ : «لِيَتَفَقَّهُوا فِى الدِّينِ وَ لِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ »۲ ، «وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ »۳ ، «وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ

1.في الطبعة المعتمدة: «طلب» بدل «طالب»، والتصويب من طبعة اُخرى للمصدر.

2.التوبة : ۱۲۲ .

3.الأنفال : ۲۱ .

  • نام منبع :
    تفسیر ابی الجارود و مسنده
    سایر پدیدآورندگان :
    علي شاه‌ علي‌زاده
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13827
صفحه از 416
پرینت  ارسال به