117
تفسیر ابی الجارود و مسنده

هؤلاءِ تَراهُم قَد دَنَوا مِنّا !
فدَعا موسى‏ ربَّهُ ، فَأوحى اللَّهُ إلَيهِ أنِ اضرِب بِعَصاكَ البَحرَ ، فَضَرَبَهُ فَانفَلَقَ البَحرُ ، فَمَضى‏ موسى‏ وأصحابُهُ حَتّى‏ قَطَعوا البَحرَ ، وأدرَكَهُم آلُ فِرعَونَ ، فَلمّا نَظَروا إلَى البَحرِ قالوا لِفِرعَونَ : ما تَعجَبُ مِمّا تَرى‏ ؟ قالَ : أنا فَعلتُ هذا فمُرّوا وَامضوا فيه . فلَمّا تَوَسَّطَ فِرعَونُ ومَن مَعهُ، أمَرَ اللَّهُ البحرَ فَانطَبَقَ فَغَرَّقَهُم أجمَعينَ ، فَلمّا أدركَ فِرعَونَ الغَرَقُ «قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِى ءَامَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَ ءِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ »، يَقولُ اللَّهُ : «ءَآلَْنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ » يقول : كُنتَ منَ العاصينَ، «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ »، قالَ : إنَّ قَومَ فِرعَونَ ذَهَبوا أجمَعينَ في البَحرِ فَلَم يُرَ مِنهُم أحَدٌ ، هَوَوا فِي البَحرِ۱ إلى النّارِ ، وأما فِرعَونُ فَنَبَذَهُ اللَّهُ وَحدَهُ فَألقاهُ بِالسّاحلِ؛ لِيَنظُروا إلَيهِ ولِيَعرِفوهُ ، ليَكونَ لمَن خَلفَهُ آيةً ، ولِئَلّا يَشُكَّ أحَدٌ في هَلاكِهِ ، وإنّهُم كانُوا اتَّخَذوهُ رَبّاً، فأراهُمُ اللَّهُ إيّاهُ جيفَةً مُلقاةً بِالسّاحلِ ؛ لِيَكونَ لِمَن خَلفَهُ عِبرَةً وعِظَةً . يقولُ اللَّهُ : «وَ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَتِنَا لَغَفِلُونَ »» .۲

۹ / ۸ - الآية «۹۹»

« وَ لَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَأَمَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى‏ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ » .

۱۰۵.تفسير القمّي : في روايةِ أبي الجارودِ ، عن أبي جَعفرٍ عليه السلام ، قالَ :
«لَبِثَ يونُسُ في بَطنِ الحوتِ ثَلاثَةَ أيّامٍ ، ونادى‏ في الظُّلُماتِ - ظُلمةَ بطنِ الحوتِ وظُلمةَ اللّيلِ وظُلمةَ البَحرِ - : «لَّآ إِلَهَ إِلَّآ أَنتَ سُبْحَنَكَ » (تبتُ إليك ط) «إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّلِمِينَ » ، فَاستجابَ اللَّهُ لهُ، فَأخرجَهُ الحوتُ إلَى السّاحِل ، ثمّ قَذَفَهُ فَألقاهُ بِالسّاحلِ ، وأنبتَ اللَّهُ علَيهِ شجَرةً مِن يَقطينٍ ، وهوَ القَرعُ ، فكانَ يَمصُّهُ ويَستَظلُّ بِهِ وبِوَرَقِهِ ، وكانَ تساقَطَ شعرُهُ ورَقَّ جِلدُهُ .
وكانَ يونُسُ يُسَبِّحُ ويذكُرُ اللَّهَ اللّيلَ وَالنَّهارَ ، فلَمّا أن قَوِيَ واشتَدَّ، بعثَ اللَّهُ دودةً فأكَلَت أسفلَ القَرعِ، فذَبَلَتِ القَرعَةُ ثمَ يَبِسَت ، فشَقَّ ذلكَ على‏ يونسَ فظَلَّ حَزيناً ، فأوحى‏ اللَّهُ إلَيهِ : ما لكَ حَزيناً يا يونسُ ؟ قال : يا ربِّ هذهِ الشّجَرَةَ التي كانَت تَنفَعُني سَلَّطتَ عَلَيها دودةً فَيَبِسَت !
قالَ : يا يونسُ ، أحَزِنتَ لِشَجَرةً لَم تَزرَعها ولَم تَسقِها ولَم تَعيَ بِها أن يَبِسَت حينَ استَغنَيتَ عَنها ، ولَم تَحزَن لِأهلِ نينوى‏ أكثَر مِن مِئَةِ ألفٍ أرَدتَ أن يَنزِلَ عَلَيهِمُ العَذابُ ؟! إنّ أهلَ نينوى‏ قَد آمَنوا وَاتَّقَوا ، فَارجِع إلَيهِم .
فَانطَلَقَ يونُسُ إلى‏ قَومِهِ ، فلمّا دنا مِن نينوى‏ استحيى‏ أن يَدخُل ، فقالَ لِراعٍ لَقِيَهُ : إيتِ أهلَ نينوى‏ فَقُل لَهُم : إنّ هذا يونُسَ قَد جاء ، قالَ الرّاعي : أتَكذِبُ ؟ أما تَستَحيي ويونُسُ قَد غَرِقَ فِي البَحرِ وذَهَبَ ؟! قالَ لهُ يونُسُ: اللّهُمَّ أنّ هذِهِ الشّاةُ تَشهَدُ لكَ أنّي يونُسُ ، فنَطَقَتِ الشّاةُ بِأنّهُ يونُسُ ، فلَمّا أتى‏ الراعي قَومَهُ وأخبرهُم‏۳، أخَذوهُ وهَمّوا بِضَربِهِ ، فقالَ : إنّ لي بَيِّنَةً بِما أقولُ ، قالوا : مَن يَشهَدُ ؟ قالَ : هذِهِ الشّاةُ تَشهَدُ ، فَشَهِدَت أنّهُ صادِقٌ وأنّ يونُسَ قَد رَدّهُ اللَّهُ إلَيهِم .
فخَرَجوا يَطلُبونَهُ فوَجَدوهُ ، فَجاءوا بِهِ وآمَنوا وحَسُنَ إيمانُهم ، فَمَتَّعَهُمُ اللَّهُ إلى‏ حينٍ؛ وهُوَ المَوتُ ، وأجارَهُم مِن ذلكَ العَذابِ» .۴

1.في المصدر هنا زيادة : «إلّا هوى بجسمه» . وحذفناها طبقاً لبحار الأنوار ، والظاهر أنّها نسخة بدل .

2.تفسير القمّي : ج ۱ ص ۳۱۵ ؛ بحار الأنوار : ج ۱۳ ص ۱۱۶ ح ۱۸ .

3.في المصدر : «وأخبره» . والتصويب من بحار الأنوار .

4.تفسير القمّي : ج ۱ ص ۳۱۹ ؛ بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۳۸۳ ح ۱ .


تفسیر ابی الجارود و مسنده
116

۱۰۳.تفسير القمّي : في روايةِ أبي الجارودِ ، عن أبي جَعفرٍ عليه السلام :
«فإنَّ قَومَ موسى‏ استَعبَدَهُم آلُ فِرعَونَ ، وقالوا : لَو كانَ لِهؤلاءِ عَلَى اللَّهِ كَرامةٌ كَما يَقولونَ ما سَلَّطَنا عَلَيهِم ، فقالَ موسى‏ لِقَومِهِ : «يَقَوْمِ إِن كُنتُمْ ءَامَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ * فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّلِمِينَ * وَ نَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَفِرِينَ »» .۱

۹ / ۷ - الآيات «۹۰ - ۹۲»

« وَجَوَزْنَا بِبَنِى إِسْرَ ءِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى‏ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِى ءَامَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَ ءِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * ءَآلَْنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً وَ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَتِنَا لَغَفِلُونَ » .

۱۰۴.تفسير القمّي : في روايةِ أبي الجارودِ ، عن أبي جَعفرٍ عليه السلام - في قَولِهِ : «وَجَوَزْنَا بِبَنِى إِسْرَ ءِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا » إلى‏ قَولِه : «وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ » - :
«فَإنّ بَني إسرائيلَ قالوا : يا موسى‏ ادعُ اللَّهَ أن يَجعَلَ لَنا مِمّا نَحنُ فيه فَرَجاً ، فَدَعا ، فَأوحى‏ اللَّهُ إلَيهِ أن سِرْ بِهِم ، قالَ : يا رَبِّ! البَحرُ أمامَهُم ، قالَ : اِمضِ فَإنّي آمُرُهُ أن يُطيعَكَ ويَنفَرِجَ لَكَ .
فخرجَ موسى‏ بِبَني إسرائيلَ وَاتَّبعَهُم فِرعونُ ، حتّى‏ إذا كادَ أن يلحَقَهُم ونَظَروا إليهِ وقَد أظَلّهُم ، قالَ موسى‏ لِلبَحرِ : اِنفَرِج لي ، قال : ما كنتُ لِأفعَلَ ، وقالَ بَنو إسرائيلَ لِموسى‏ : غَرَرتَنا وأهلَكتَنا! فَلَيتَكَ تَرَكتَنا يَستَعبِدُنا آلُ فِرعَونَ ولَم نخرُجِ الآنَ نُقتَل قتلَةً ، قال : «كَلَّا إِنَّ مَعِىَ رَبِّى سَيَهْدِينِ » .
وَاشتَدَّ على‏ موسى‏ ما كانَ يَصنَعُ بهِ عامّةُ قَومِهِ ، وقالوا : يا موسى «إِنَّا لَمُدْرَكُونَ »، زَعَمتَ أنّ البَحرَ يَنفَرِجُ لَنا حتّى‏ نَمضِيَ ونَذهَبَ، وقَد رَهِقَنا۲ فِرعونُ وقَومُهُ ، وهُم

1.تفسير القمّي : ج ۱ ص ۳۱۴ ؛ بحار الأنوار : ج ۱۳ ص ۱۰۶ ح ۲ .

2.رَهِقَهُ : أي غَشِيَهُ . ويقال : طلَبتُ فُلاناً حَتّى رَهِقته رَهقاً ؛ أي دَنَوتُ منه ، فربّما أخذه وربّما لم يأخذُه. الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۸۷ (رهق) .

  • نام منبع :
    تفسیر ابی الجارود و مسنده
    سایر پدیدآورندگان :
    علي شاه‌ علي‌زاده
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13834
صفحه از 416
پرینت  ارسال به