سَتَرَنِي عَنْكُمْ جِلْبَابُ الدِّينِ ، وَبَصَّرَنِيكُمْ صِدْقُ النِّيَّةِ . أَقَمْتُ لَكْمُ عَلَى سَنَنِ الْحَقِّ في جَوَادِّ الْمَضَلَّةِ ، حَيْثُ تَلْتَقُونَ وَلا دَلِيلَ ، وَتَحْتَفِرُون وَلا تُمِيهُونَ .
الْيَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ الْعَجْمَاءَ ذاتَ الْبَيَانِ ! عَزَبَ رَأْيُ امْرِئٍ تَخَلَّفَ عَنِّي ! مَا شَكَكْتُ في الْحَقِّ مُذْ أُرِيتُهُ ! لَمْ يُوجِسْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ خِيفَةً عَلَى نَفْسِهِ ، بَلْ أَشْفَقَ مِن غَلَبَةِ الْجُهَّالِ وَدُوَلِ الضَّلالِ ! الْيَوْمَ تَوَاقَفْنَا عَلَى سَبيلِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ . مَنْ وَثِقَ بمَاءٍ لَمْ يَظْمَأْ ۱ !
الشّرْحُ :
هذه الكلمات والأمثال ملتقَطة من خطبة طويلة ، منسوبة إليه عليه السلام .
وأمّا قوله عليه السلام : « بنا اهتديتم في الظّلماء » ، فيعني بالظلماء الجهالة ، وتَسَنَّمتم العلياء : ركبتم سنامها ، وهذه استعارة .
قوله : « وبنا انفجرتم عن السِّرار » ، أي دخلتم في الفَجْر ، والسِّرار : الليلة والليلتان يستتر فيهما القمر في آخر الشهر فلا يظهر . وروي « أفجرتم » ، وهو أفصح وأصحّ ، فأفجرتم ، أي : صرتم ذوي فجر . وأما « عن » في قوله : « عن السرار » فهي للمجاوزة على حقيقة معناها الأصليّ ، أي : منتقلين عن السرار ومتجاوزين له .
وقوله عليه السلام : « وقر سمع » هذا دعاء على السمع الذي لم يفقه الواعية بالثِّقل والصّمَم ، وُقِرَت أُذُنُ زيد ، بضم الواو فهي موقورة ، والوَقْر : بالفتح ، الثِّقَل في الأذن ، وَقِرَتْ أذنُه ، بفتح الواو وكسر القاف تَوْقَر وَقْرا أي صَمّت ، والمصدر في هذا الموضع جاء بالسّكون ، وهو شاذّ ، وقياسه التحريك بالفتح ، نحو ورِم وَرَما . والوَاعية : الصارخة ، من الوُعاء ، وهو الجَلبَة والأصوات ، والمراد العبر والمواعظ .