أمريْن : إمّا أن يُسلِموه إلى معاوية ، أو يقتلوه ، ولا ناصر له منهم إلاّ ولداه وابن عمّه ونفر قليل لا يبلغون عشرة ، فلما رآهم الأشتر سبّهم وشتمهم ، وقال : ويحكم ! أبعد الظَّفَر والنّصر صبح عليكم الخذلان والفرقة ! يا ضعاف الأحلام ! يا أشْباه النساء ! يا سفهاء العقول ! فشتموه وسبّوه ، وقهروه وقالوا : المصاحف المصاحف ! والرجوع إليها ، لا نرى غير ذلك ! فأجاب أميرُ المؤمنين عليه السلام إلى التحكيم ، دفعا للمحذور الأعظم بارتكاب المحظور الأضعف ، فلذلك قال : « كنت أميرا فأصبحت مأمورا ؛ وكنت ناهيا فصرت منهيّا » . وقد سبق من شرح حالِ التحكيم وما جرى فيه ما يغني عن إعادته .
۲۰۲
الأصْلُ :
۰.ومن كلام له عليه السلام بالبصرة
وقد دخل على العلاء بن زياد الحارثي ؛ وهو من أصحابه يعوده فلما رأى سعة داره قال :مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِسِعَةِ هذِهِ الدَّارِ فِي الدُّنْيَا ، وَأنْتَ إِلَيْهَا فِي الآخِرَةِ كُنْتَ أَحْوَجَ ؟ وَبَلَى إِنْ شِئْتَ بَلَغْتَ بِهَا الآخِرَةَ ؛ تَقْرِي فِيهَا الضَّيْفَ ، وَتَصِلُ فِيهَا الرَّحِمَ ، وَتُطْلِعُ مِنْهَا الْحُقُوقَ مَطَالِعَهَا ، فَإِذاً أنْتَ قَدْ بَلَغْتَ بِهَا الآخِرَةَ!
فقال له العلاء : يا أمير المؤمنين ، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد .
قال : وما له؟
قال : لبس العباء وتخلى مِنَ الدنيا .
قال : عَليَّ به . فلما جاء ، قال :
يَا عُدَيَّ نَفْسِهِ ! لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكَ الْخَبِيثُ ! أَمَا رَحِمْتَ أَهْلَكَ وَوَلَدَكَ ! أَتَرَى اللّهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ تَأْخُذَهَا ؟ أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللّهِ مِنْ ذلِكَ!
قال : يا أَمير المؤمنين ، هذا أَنت في خشونة ملبسك وجُشوبة مأكلك!
قالَ : وَيْحَكَ ، إِنِّي لَسْتُ كَأنـْتَ ، إِنَّ اللّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَقِّ أَنْ يُقَدِّرُوا