الأصْلُ :
۰.ثُمَّ إِنَّ هذَا الاْءِسْلاَمَ دِينُ اللّهِ الَّذِي اصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ ، وَاصْطَنَعَهُ عَلَى عَيْنِهِ ، وَأَصْفَاهُ خِيَرَةَ خَلْقِهِ ، وَأَقَامَ دَعَائِمَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ . أَذَلَّ الْأَدْيَانَ بِعِزَّتِهِ ، وَوَضَعَ الْمِلَلَ بِرَفْعِهِ ، وَأَهَانَ أَعْدَاءَهُ بِكَرَامَتِهِ ، وَخَذَلَ مُحَادِّيهِ بِنَصْرِهِ ، وَهَدَمَ أَرْكَانَ الضَّلاَلَةِ بِرُكْنِهِ . وَسَقَى مَنْ عَطَشَ مِنْ حِيَاضِهِ ، وَأَتْأَقَ الْحِيَاضَ بِمَوَاتِحِهِ . ثُمَّ جَعَلَهُ لاَ انْفِصَامَ لِعُرْوَتِهِ ، وَلاَ فَكَّ لِحَلْقَتِهِ ، وَلاَ انْهِدَامَ لِأَسَاسِهِ ، وَلاَ زَوَالَ لِدَعَائِمِهِ ، وَلاَ انْقِلاَعَ لِشَجَرَتِهِ ، وَلاَانْقِطَاعَ لِمُدَّتِهِ ، وَلاَ عَفَاءَ لِشَرَائِعِهِ ، وَلاَ جَذَّ لِفُرُوعِهِ ، وَلاَ ضَنْكَ لِطُرُقِهِ ، وَلاَ وُعُوثَةَ لِسُهُولَتِهِ ، وَلاَ سَوَادَ لِوَضَحِهِ ، وَلاَ عِوَجَ لاِنْتِصَابِهِ ، وَلاَ عَصَلَ فِي عُودِهِ ، وَلاَ وَعَثَ لِفَجِّهِ ، وَلاَ انْطِفَاءَ لِمَصَابِيحِهِ ، وَلاَ مَرَارَةَ لِحَلاَوَتِهِ .
فَهُوَ دَعَائِمُ أَسَاخَ فِي الْحَقِّ أَسْنَاخَهَا ، وَثَبَّتَ لَهَا أسَاسَهَا ، وَيَنَابِيعُ غَزُرَتْ عُيُونُهَا ، وَمَصَابِيحُ شَبَّتْ نِيرَانُهَا ، وَمَنَارٌ اقْتَدَى بِهَا سُفَّارُهَا ، وَأَعلاَمٌ قُصِدَ بِهَا فِجَاجُهَا ، وَمَنَاهِلُ رَوِيَ بِهَا وُرَّادُهَا . جَعَلَ اللّهُ فِيهِ مُنْتَهَى رِضْوَانِهِ ، وَذِرْوَةَ دَعَائِمِهِ ، وَسَنَامَ طَاعَتِهِ ؛ فَهُوَ عِنْدَ اللّهِ وَثِيقُ الْأَرْكَانِ ، رَفِيعُ الْبُنْيَانِ ، مُنِيرُ الْبُرْهَانِ ، مُضِيءُ النِّيرَانِ ، عَزِيزُ السُّلْطَانِ ، مُشْرِفُ الْمَنَارِ ، مُعْوِذُ الْمَثَارِ . فَشَرِّفُوهُ وَاتَّبِعُوهُ ، وَأَدُّوا إِلَيْهِ حَقَّهُ ، وَضَعُوهُ مَوَاضِعَهُ .
الشّرْحُ :
اصطنعه على عينه ، كلمة تقال لما يشتدّ الاهتمام به ، تقول للصانع : اصنع لي كذا على عيني ، أي اصنعه صنعة كاملةً كالصنعة التي تصنعها وأنا حاضر أشاهدها بعيني ، قال تعالى : « وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي » ۱ . وأصفاه خيرَة خلقه ، أي آثر به خيرَة خلقه ، وهم المسلمون ، وياء : « خِيرَة » مفتوحة. قال : وأقام اللّه دعائم الإسلام على حبّ اللّه وطاعته . والمحادّ : المخالف ،