واضطراب . وتقصفها العواصف : تضربها بشدّة ضربا بعد ضرب . والعواصف : الرياح القوية . اللّجج : جمع لُجّة ، وهي معظم البحر . الوبِق : الهالك ، وبَق الرجل بالفتح ، يبِقُ وبوقاً : هلك ، والموْبِق منه كالموعِد « مفعِل » من وعد يعِد ، ومنه قوله تعالى : « وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقا » ۱ ؛ وأوبقه اللّه ، أي أهلكه . وتحفزه الرياح ، تدفعه . ضرب عليه السلام لأهل الدنيا مثلاً براكبي السَّفينة في البحر ، وقد مادَتْ بهم ، فمنهم الهالك على الفور ، ومنهم مَنْ لا يتعجّل هلاكه ، وتحمله الرياح ساعة أو ساعات ، ثم مآله إلى الهلاك أيضا .
ثم أمَرَ عليه السلام بالعمل وقتَ الإمكان قبل ألاّ يمكن العمل ، فكنَى عن ذلك بقوله : والألسن منطلِقة ؛ لأنّ المحتضَر يُعتقل لسانه ، والأبدان صحيحة ؛ لأنّ المحتَضر سقيم البدن . والأعضاء لدْنة ، أي لينة ، أي قبل الشيخوخة والهرَم ويبس الأعضاء والأعصاب . والمنقَلب فسيح ، والمجال عريض ، أي أيام الشبيبة وفي الوقت والأجل مهلة ، قبل أن يضيق الوقت عليكم . قبل إرهاق الفوت ، أي قبل أن يجعلكم الفوت ـ وهو فوات الأمر وتعذّر استدراكه عليكم ـ مرهَقين ، والمرهَق : الذي أُدرك ليقتل .
قوله : « فحقِّقوا عليكم نزوله ، ولا تنتظروا قدومه » ، أي اعملوا عمل مَنْ يشاهد الموت حقيقة ، لا عمل مَنْ ينتظره انتظارا ويطاول الأوقات مطاولة ، فإنّ التسويف داعية التقصير .
۱۹۰
الأصْلُ :
۰.ومن خطبة له عليه السلاموَلَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفِظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وسلّم ، أَنِّي لَمْ أَرُدَّ عَلَى اللّهِ وَلاَ عَلَى رَسُولِهِ سَاعَةً قَطُّ . وَلَقَدْ وَاسَيْتُهُ بِنَفْسِي فِي الْمَوَاطِنِ الَّتي تَنْكُصُ فِيهَا الأبْطَالُ ، وَتَتَأَخَّرُ فِيهَا الْأَقْدَامُ ، نَجْدَةً أَكْرَمَنِي اللّهُ بِهَا .