ومثل قوله : « أنا أعلَمُ بنفسي من غيري » ، قوله عليه السلام لمن زكّاه نفاقاً : « أنا دونَ ما تقول ، وفوقَ ما في نفسك » .
وقوله : « اللّهمّ لا تؤاخذني بما يقولون ... » إلى آخر الكلام مفرد مستقلّ بنفسه منقول عنه عليه السلام ؛ أنه قال لقوم مرّ عليهم وهم مختلفون في أمره ، فمنهم الحامِدُ له ، ومنهم الذامّ ، فقال : اللهمّ لا تؤاخذني ... » الكلمات إلى آخرها ، ومعناه : اللّهمّ إن كان ما ينسُبُه الذامّون إليّ من الأفعال الموجبة للذمّ حقّا ، فلا تؤاخذني بذلك ، واغفر لي ما لا يعلمونه من أفعالي ، وإن كان ما يقوله الحامدون حَقّا ، فاجعلني أفْضَلَ ممّا يظنونه فيّ .
الأصْلُ :
۰.فَمِنْ عَلاَمَةِ أَحَدِهِمْ : أَنَّكَ تَرَى لَهُ قُوَّةً فِي دِينٍ ، وَحَزْماً فِي لِينٍ ، وَإِيمَاناً فِي يَقِينٍ ، وَحِرْصاً فِي عِلْمٍ ، وَعِلْماً فِي حِلْمٍ ، وَقَصْداً فِي غِنىً ، وَخُشُوعاً فِي عِبَادَةٍ ، وَتَجَمُّلاً فِي فَاقَةٍ ، وَصَبْراً فِي شِدَّةٍ ، وَطَلَباً فِي حَلاَلٍ ، وَنَشاطاً فِي هُدىً وَتَحَرُّجاً عَنْ طَمَعٍ . يَعْمَلُ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وَهُوَ عَلَى وَجَلٍ . يُمْسِي وَهَمُّهُ الشُّكْرُ ، وَيُصْبِحُ وَهَمُّهُ الذِّكْرُ . يَبِيتُ حَذِراً ، وَيُصْبِحُ فَرِحاً ؛ حَذِراً لِما حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ ، وَفَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ . إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيَما تَكْرَهُ لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيَما تُحِبُّ . قُرَّةُ عَيْنِهِ فِيَما لاَ يَزُولُ ، وَزَهَادَتُهُ فِيَما لاَ يَبْقَى ، يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ ، وَالْقَوْلَ بِالْعَمَلِ . تَرَاهُ قَرِيباً أَمَلُهُ ، قَلِيلاً زَلَلُهُ ، خَاشِعاً قَلْبُهُ ، قَانِعَةً نَفْسُهُ ، مَنْزُوراً أَكْلُهُ ، سَهْلاً أَمْرُهُ ، حَرِيزاً دِينُهُ ، مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ ، مَكْظُوماً غَيْظُهُ . الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ ، وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ . إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ ، وَإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ . يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَهُ ، وَيُعْطِي مَنْ حَرَمَهُ ، وَيَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ ، بَعِيداً فُحْشُهُ ، لَيِّناً قَوْلُهُ ، غَائِباً مُنْكَرُهُ ، حَاضِراً مَعْرُوفُهُ مُقْبِلاً خَيْرُهُ ، مُدْبِراً شَرُّهُ . فِي الزَّلاَزِلِ وَقُورٌ ، وَفِي الْمَكَارِهِ صَبُورٌ ، وَفِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ . لاَ يَحِيفُ عَلَى مَنْ يُبْغِضُ ، وَلاَ يَأْثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ . يَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ ، لاَ يُضِيّعُ مَا اسْتُحْفِظَ ، وَلاَ يَنْسَى مَا ذُكِّرَ ،