611
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

رَجَاهُ مُوقِناً ، وَأَنَابَ إِلَيْهِ مُؤمِناً ، وَخَنَعَ لَهُ مُذْعِناً ، وَأَخْلَصَ لَهُ مُوَحِّداً ، وَعَظَّمَهُ مُمَجِّداً ، وَلاَذَ بِهِ رَاغِباً مُجْتَهِداً .

الشّرْحُ :

نَوْف البَكَالِيّ ، قال الجوهريّ في الصِّحاح : نَوْف البَكَاليّ ، بفتح الباء ، كان حاجبَ عليّ عليه السلام ، ثم قال : وقال ثعلب : هو منسوب إلى بَكالة ، قبيلة . وإنّما بنو بِكال ، بكسر الباء ، حيٌّ من حِمْيَر ؛ منهم هذا الشخص ؛ هو نَوْف بن فضالة ، صاحب عليّ عليه السلام ؛ والرواية الصحيحة الكسر ؛ لأنّ نوف بن فضالة بِكاليّ ، بالكسر ، من حِمْير .

نسبَ جعْدة بن هُبيرة

وأمّا جعدة بن هُبيرة ، فهو ابنُ أختِ أمير المؤمنين عليه السلام ، أُمّه أُمّ هانئ بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشمٍ ، وأبوه هبيرة بن أبي وهب . وكان جعدة فارسا ، شجاعا ، فقيهاً ، وولِيَ خُراسان لأمير المؤمنين عليه السلام ؛ وهو من الصّحابة الذين أدركوا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يوم الفتح ، مع أُمّه أُمّ هانئ بنت أبي طالب عليه السلام .
المدرعة : الجبَّة ، وتَدَرّع : لبسها ، وربما قالوا : تمدرع . وثَفِنة البعير ، واحدة ثفِنَاته ، وهو ما يقع على الأرض من أعضائه إذا استناخ فيغلظ ويكثف ، كالركبتين وغيرهما. ومصائر الأُمور : جمع مَصِير ، وهو مصدر « صار » إلى كذا ، ومعناه المرْجع قال تعالى : « وَإلَى اللّهِ الْمَصِير » ۱ . وعواقب الأمر : جمع عاقبة ؛ وهي آخر الشيء .
ثم قَسَّم الحمد ، فجعله على ثلاثة أقسام :
أحدُها : الحمد على عظيم إحسانه وهو أُصول نعمه تعالى ؛ كالحياة والقدْرة والشهوة وغيرها مما لا يدخل جنسه تحت مقدور القادر .
وثانيها : الحمد على نيّر برهانه ، وهو ما نصبه في العقول من العلوم البديهية المفضِية إلى العلوم النظرية بتوحيده وعدله .
وثالثها : الحمد على أرزاقه النّامية ، أي الزائدة وما يجري مجراها من إطالة الأعمار ، وكثرة الأرزاق ، وسائر ضروب الإحسان الداخلة في هذا القسم .

1.سورة آل عمران ۲۸ .


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
610

وثمود ؛ إذا أردت القبيلة غيرُ مصروف ، وإذا أردت الحيّ أو اسم الأب مصروف ، ويقال : إنّه ثمود بن عابر بن آدم بن سام بن نوح ، قيل سمّيَتْ ثمود لقلّة مائها ، من الثّـمْد وهو الماء القليل ؛ وكانت مساكنهم الحِجْر بين الحجاز والشام إلى وادي القُرى .
وأشرعتُ الرّمح إلى زيد ، أي سدّدته نحوه ، وشرع الرُّمح نفسه . وصبّت السيوفُ على هاماتهم : استعارة من صببْتُ الماء ، شبّه وقع السيوف وسرعة اعتوارها الرؤوس بصبّ الماء . واستفلّهم الشيطانُ : وجدهم مَفْلولين ، فاستزلّهم ؛ هكذا فسّروه . ويمكن عندي أن يريد أنه وجدهم فَلاًّ ، لاَ خير فيهم ، والفلُّ في الأصل : الأرض لا نبات بها ؛ لأنّها لم تمطر . ويروى « استفزّهم » ، أي استخفّهم . والارتكاس في الضلال : الرجوع ؛ كأنه جعلهم في تردّدهم في طبقات الضلال كالمرتكس الراجع إلى أمر قد كان تخلّص منه . والجماح في التِّيه : الغلوّ والإفراط ، مستعار من جِماح الفرس ؛ وهو أن يعتزّ صاحبه ويغلبَه ، جَمَح فهو جَمُوح .

۱۸۳

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلام
روي عن نَوفِ البَكالِيّ قال : خطبنا بهذه الخطبة أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة وهو قائم على حجارة ، نصبها له جَعْدَةُ بن هُبَيرَة المَخْزُومي ، وعليه مِدْرَعَةٌ من صُوف وحمائل سيفه لِيفٌ ، وفي رجليه نعلان من لِيفٍ، وكأنّ جبينه ثَفِنَةُ بعير ، فقال عليه السلام :
الْحَمْدُ للّه الَّذِي إِلَيْهِ مَصَائِرُ الْخَلْقِ ، وَعَوَاقِبُ الْأَمْرِ . نَحْمَدُهُ عَلَى عَظِيمِ إِحْسَانِهِ ، وَنَيِّرِ بُرْهَانِهِ ، وَنَوَامِي فَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ ، حَمْداً يَكُونُ لِحَقِّهِ قَضَاءً ، وَلِشُكْرِهِ أَدَاءً ، وَإِلَى ثَوَابِهِ مُقَرِّباً ، وَلِحُسْنِ مَزِيدِهِ مُوجِباً . وَنَسْتَعِينُ بِهِ اسْتِعَانَةَ رَاجٍ لِفَضْلِهِ ، مُؤَمِّلٍ لِنَفْعِهِ ، وَاثِقٍ بِدَفْعِهِ ، مُعْتَرِفٍ لَهُ بِالطَّوْلِ ، مُذْعِنٍ لَهُ بِالْعَمَلِ وَالْقَوْلِ . وَنُؤْمِنُ بِهِ إِيمَانَ مَنْ

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8831
صفحه از 712
پرینت  ارسال به