فيهما ، وليس منهم من يرويه : « حُجِبت » في النار .
ثم ذكر عليه السلام أ نّه لا طاعة إلاّ في أمرِ تكرهه النفس ، ولا معصيةَ إلاّ بمواقعة أمرٍ تحبّه النفس ، وهذا حقّ ؛ لأنّ الإنسانَ ما لم يكن متردّد الدواعي لا يصحّ التكليف ؛ وإنما تتردّد الدواعي إذا أمر بِما فيه مشقّة ، أو نُهِيَ عمّا فيه لذّة ومنفعة .
فإن قلت : أليس قد أُمِر الإنسان بالنّكاح وهو لذة؟
قلت : ما فيه من ضرر الإنفاق ومعالجة أخلاق النساء يُرْبى على اللّذة الحاصلة فيه مراراً .
ثمّ قال عليه السلام : « رحم اللّه امرأ نزع عن شهوته » ، أي أقلع . « وقمع هَوَى نفسِه » ، أي قهره . ثم قال : فإنّ هذه النفس أبعدُ شيء منزَعا ، أي مذهباً ، قال أبو ذؤيب :
والنَّفْسُ رَاغِبَةٌ إذا رغَّبْتَهاوإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ
ثم قال عليه السلام : « نَفْس المؤمن ظَنُون عنده » ، الظَّنُون : البئر التي لا يدرَى أفيها ماء أم لا ، فالمؤمن لا يصبِح ولا يمسِي إلاّ وهو على حَذَرٍ من نفسه ، معتقدا فيها التقصير والتضجيع ۱ في الطاعة ، غير قاطع على صلاحها وسلامة عاقبتها . وزاريا عليها : عائباً ؛ زريْتُ عليه : عبت . ثم أمرهم بالتأسّي بمن كان قبلهم ، وهم الذين قَوّضُوا من الدّنيا خيامَهم ، أي نقضوها ، وطوَوْا أيّام العمر كما يطوِي المسافر منازلَ طريقه .
الأصْلُ :
۰.وَاعْلَمُوا أَنَّ هذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لاَ يَغُشُّ ، وَالْهَادِي الَّذِي لاَ يُضِلُّ ، وَالْمُحَدِّثُ الَّذِي لاَ يَكْذِبُ. وَمَا جَالَسَ هذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ : زِيَادَةٍ فِي هُدىً ، أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمىً .
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ ، وَلاَ لِأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنىً ؛ فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ ، وَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لَأوَائِكُمْ ، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ ، وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ ، وَالْغَيُّ وَالضَّلاَلُ ، فَاسْأَلُوا اللّهَ بِهِ ، وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِحُبِّهِ ، وَلاَ