۱۷۶
الأصْلُ :
۰.من خطبة له عليه السلامأَيُّهَا النَّاسُ غَيْرُ الْمَغْفُولِ عَنْهُمْ ، وَالتَّارِكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ .
مَا لِي أَرَاكُمْ عَنِ اللّهِ ذَاهِبِينَ ، وَإِلَى غَيْرِهِ رَاغِبِينَ ؟! كَأَنَّكُمْ نَعَمٌ أَرَاحَ بِهَا سَائِمٌ إِلَى مَرْعىً وَبِيٍّ ، وَمَشْرَبٍ دَوِيٍّ ، وَإِنَّمَا هِيَ كَالْمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى لاَ تَعْرِفُ مَاذَا يُرَادُ بِهَا ! إِذَا أُحْسِنَ إِلَيْهَا تَحْسَبُ يَوْمَهَا دَهْرَهَا ، وَشِبَعَهَا أَمْرَهَا . وَاللّهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُخْبِرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَخْرَجِهِ وَمَوْلِجِهِ وَجَمِيعِ شَأنِهِ لَفَعَلْتُ ، وَلكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا فيَّ بِرَسُولِ اللّهِصَلّى اللّه عَلَيهِ وَسَلّم . أَلاَ وَإِنِّي مُفْضِيهِ إلى الْخَاصَّةِ مِمَّنْ يُؤمَنُ ذلِكَ مِنْهُ . وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ ، وَاصْطَفَاهُ عَلَى الْخَلْقِ ، مَا أَنْطِقُ إِلاَّ صَادِقاً ، وَقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ بِذلِكَ كُلِّهِ ، وَبِمَهْلَكِ مَنْ يَهْلِكُ ، وَمَنْجَى مَنْ يَنْجُو ، وَمَآلِ هذَا الْأَمْرِ . وَمَا أَبْقَى شَيْئاً يَمُرُّ عَلَى رَأْسِي إِلاَّ أَفْرَغَهُ فِي أُذُنَيَّ وَأَفْضَى بِهِ إِلَيَّ .
أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي وَاللّهِ ، مَا أَحُثُّكُمْ عَلَى طَاعَةٍ إِلاَّ وَأَسْبِقُكُمْ إِلَيْهَا ، وَلاَ أنهَاكُمْ عَنْ مَعْصِيَةٍ إِلاَّ وَأَتَنَاهَى قَبْلَكُمْ عَنْهَا .
الشّرْحُ :
خاطب المكلّفين كافّة ؛ وقال : إنّهم غافلون عَمّا يُراد بهم ومنهم ؛ وليسوا بمغفول عنهم ، بل أعمالهم محفوظة مكتوبة . ثم قال : والتاركون : أي يتركون الواجبات . ثم قابل ذلك بقوله : « والمأخوذ منهم » ، لأنّ الأخذ في مقابلة التّرْك ؛ ومعنى الأخذ منهم انتقاصُ أعمارهم ؛ وانتقاض قواهم ، واستلاب أحبابهم وأموالهم . ثم شبههم بالنّعم التي تتبع نعما أُخرى . سائمة ، أي راعية ؛ وإنّما قال ذلك ؛ لأنّها إذا اتّبعت أمثالها كان أبلغَ في ضرب المثل بجهلها