فقد اعتقدوا إباحة ما حرّم اللّه ، فيكون حالُهم حالَ من اعتقد أنّ الزنا مباح ، أو أنّ شربَ الخمر مباح .
وقال القطب الراوندي : يريد أنهم داخلون في عموم قوله تعالى : « إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَادا أنْ يُقَتَّلُوا أو يُصَلَّبُوا » ۱ .
ولقائل أن يقول : الإشكال إنما وقع في قوله : « لو لم يصيبوا من المسلمين إلاَّ رجلاً واحداً لحلّ لي قتل ذلك الجيش بأسره » ؛ لأنهم حضروا المنكر ولم يدفعوه بلسانٍ ولا يدٍ ، فهو علّل استحلاله قتلهم بأنهم لم ينكروا المنكر ، ولم يعلل ذلك بعموم الآية .
وأما معنى قوله : « دع ما إنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدّة التي دخلوا بها عليهم » ، فهو أنه لو كان المقتول واحداً لحلّ لي قتلهم كلهم ، فكيف وقد قتلوا من المسلمين عدّةً مثل عدّتهم التي دخلوا بها البصرة ! وما هاهنا زائدة .
وصدق عليه السلام ، فإنهم قتلوا من أوليائه وخُزّان بيت المال بالبَصْرة خلْقا كثيرا ؛ بعضهم غدرا وبعضهم صبرا ، كما خطب به عليه السلام .
۱۷۴
الأصْلُ :
۰.ومن خطبة له عليه السلامأَمِينُ وَحْيِهِ ، وَخَاتَمُ رُسُلِهِ ، وَبَشِيرُ رَحْمَتِهِ ، وَنَذِيرُ نِقْمَتِهِ .
أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهذَا الْأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْهِ ، وَأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللّهِ (فِيهِ) . فَإِنْ شَغَبَ شَاغِبٌ اسْتُعْتِبَ ، فَإِنْ أَبَى قُوتِلَ . وَلَعَمْرِي ، لَئِنْ كَانَتِ الإمَامَةُ لاَ تَنْعَقِدُ حَتَّى يَحْضُرَهَا عَامَّةُ النَّاسِ ، فَمَا إِلَى ذلِكَ سَبِيلٌ ، وَلكِنْ أَهْلُهَا يَحْكُمُونَ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهَا ، ثُمَّ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَخْتَارَ . أَلاَ وَإِنَّي أُقَاتِلُ رَجُلَيْنِ : رَجُلاً ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ ، وَآخَرَ مَنَعَ الَّذِي عَلَيْهِ .