وقوله : « فإنما يُنتظر بأوّلكم آخرُكم » ، أي إنما ينتظر ببعث الموتى المتقدّمين أن يموت الأواخر أيضاً ، فيبعث الكلّ جميعا في وقت واحد . ثم ذكر أنّهم مسؤولون عن كلّ شيء حتى عن البقاع : لمَ استوطنتم هذه ، وزهِدتم في هذه ؟ ولمَ أخربتم هذه الدار وعمرتم هذه الدار ؟ وحتى عن البهائم : لمَ ضربتُموها ؟ لمَ أجعتموها ؟ وروي : « فإن البأس أمامكم » يعني الفتنة ، والرواية الأُولى أظهر . وقد ورد في الأخبار النبوية : «ليُنتصَفَنّ للجَمّاء من القرناء » ، وجاء في الخبر الصحيح : « إنّ اللّه تعالى عذّب إنسانا بهرّ ، حبسه في بيت وأجاعه حتى هلك » .
۱۶۹
الأصْلُ :
۰.ومن كلام له عليه السلام بعدما بويع بالخلافة
وقد قال له قوم من الصحابة : لو عاقبت قوماً ممن أجلب على عثمان ! فقال عليه السلام :يَا إِخْوَتَاهُ ! إِنِّي لَسْتُ أَجْهَلُ مَا تَعْلَمُونَ ، وَلكِنْ كَيْفَ لِي بِقُوَّةٍ وَالْقَوْمُ الْمُجْلِبُونَ عَلَى حَدِّ شَوْكَتِهِمْ ، يَمْلِكُونَنَا وَلاَ نَمْلِكُهُمْ ! وهَا هُمْ هؤلاَء قَدْ ثَارَتْ مَعَهُمْ عِبْدَانُكُمْ ، وَالْتَفَّتْ إِلَيْهِمْ أَعْرَابُكُمْ ، وَهُمْ خِلاَلَكُمْ يَسُومُونَكُمْ مَا شَاؤوا ؛ وَهَلْ تَرَوْنَ مْوْضِعاً لِقُدْرَةٍ عَلَى شَيْءٍ تُرِيدُونَهُ!
إِنَّ هذَا الْأَمْرَ أَمْرُ جَاهِلِيِّةٍ ، وَإِنَّ لِهؤلاَء الْقَوْمِ مَادَّةً . إِنَّ النَّاسَ مِنْ هذَا الْأَمْرِ ـ إِذَا حُرِّكَ ـ عَلَى أُمُورٍ : فِرْقَةٌ تَرَى مَا تَرَوْنَ ، وَفِرقْةٌ تَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ ، وَفِرْقَةٌ لاَ تَرَى هذَا وَلاَ ذَاكَ ، فَاصْبِرُوا حَتَّى يَهْدَأَ النَّاسُ ، وَتَقَعَ الْقُلُوبُ مَوَاقِعَهَا ، وَتُؤخَذَ الْحُقُوقُ مُسْمَحَةً . فَاهْدَأُوا عَنَّي ، وَانْظُرُوا مَاذَا يَأْتِيكُمْ بِهِ أَمْرِي ، وَلاَ تَفْعَلُوا فَعْلَةً تُضَعْضِعُ قُوَّةً ، وَتُسْقِطُ مُنَّةً ، وَتُورِثُ وَهْناً وَذِلَّةً وَسَأُمْسِكُ الْأَمْرَ مَا اسْتَمْسَكَ . وَإِذَا لَمْ أَجِدْ بُدّاً فَـآخِرُ الدَّواءِ الْكَيُّ .