مرفعوعاً ، وأيضا فإنّ العرب تستعمل « بين يديه » بمعنى « قبل » ، قال تعالى : «بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ » ۱ ، أي قبله .
الأصْلُ :
۰.منها :فَعِنْدَ ذلِكَ لاَ يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ وَأَدْخَلَهُ الظَلَمَةُ تَرْحَةً ، وَأَوْلَجُوا فِيهِ نِقْمَةً . فَيَوْمَئِذٍ لاَ يَبْقَى لَهُمْ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ ، وَلاَ فِي الْأَرْضِ نَاصِرٌ . أَصْفَيتُمْ بِالْأَمْرِ غَيْرَ أَهْلِهِ ، وَأَوْرَدْتُمُوهُ غَيْرَ مَوْرِدِهِ ، وَسَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِمَّنْ ظَلَمَ ، مَأْكَلاً بِمَأْكَلٍ ، وَمَشْرَباً بِمَشْرَبٍ ، مِنْ مَطَاعِمِ الْعَلْقَمِ ، وَمَشَارِبِ الصَّبِرِ وَالْمَقِرِ ، وَلِبَاس شِعَارِ الْخَوْف ، وَدِثَارِ السَّيْفِ . وَإِنَّمَا هُمْ مَطَايَا الْخَطِيئَاتِ وَزَوَامِلُ الاْثَامِ .
فَأُقْسِمُ ، ثُمَّ أُقْسِمُ ، لَتَنْخَمَنَّهَا أُمَيَّةُ مِنْ بَعْدِي كَمَا تُلْفَظُ النُّخَامَةُ ، ثُمَّ لاَ تَذُوقُهَا وَلاَ تَطْعَمُ بِطَعْمِهَا أَبَداً مَا كَرَّ الْجَدِيدَانِ!
الشّرْحُ :
التَّرْحة : الحزن ، قال : فحينئذٍ لا يبقى لهم ، أي يحيق بهم العذاب ؛ ويبعث اللّه عليهم مَنْ ينتقم ، وهذا إخبارٌ عن مُلْك بني أميّة بعده ؛ وزوال أمرهم عند تفاقم فسادهم في الأرض . ثم خاطب أولياء هؤلاء الظَّلَمة ، ومَنْ كان يؤثر ملكَهم ، فقال : « أصفيتُم بالأمر غير أهله » ، أصفيتُ فلاناً بكذا : خصصتَه به ، وصفيّة المغنم : شيء كان يصطفيه الرئيس لنفسه من الغنيمة . واوردتموه غير ورْده : أنزلتموه عند غير مستحقّه . ثم قال : سيبدّل اللّه مآكلَهم اللذيذة الشهيّة بمآكلَ مريرة علقميّة . والمِقر : المرّ . ومأكلاً منصوب بفعل مقدّر ، أي يأكلون مأكلاً ، والباء هاهنا للمجازاة الدالة على الصّلة ، كقوله تعالى : « فَبِما نَقْضِهِم مِيثاقَهُمْ» ۲ . وجعل شعارَهم الخوف ؛ لأ نّه باطن في القلوب ، ودِثارهم السَّيْف ؛ لأ نّه ظاهر في البدن ، كما