عشرين جزءاً ، ومن محاسنه أيضاً رجوعه إلى نسخة نهج البلاغة التي بخطّ الشريف الرضي ، واختار منها ما رواه في النهج ۱ . « فخرج هذا الكتاب كتاباً كاملاً في فَنّه ، واحداً بين أبناء جنسه ، مُمْتِعاً بمحاسنه ؛ جليلةً فوائدُه ، شريفة مقاصده ، عالية منزلته ومكانه ؛ ولا عجبَ أن يُتقرّب بسيّد الكتب إلى سيد الملوك ، وبجامع الفضائل إلى جامع المناقب ، وبواحد العصر إلى أوحد الدهر ؛ فالأشياء بأمثالها أليق ، وإلى أشكالها أقرب ؛ وشِبْه الشيء إليه منجذِب ، ونحوه دان ومقترب » ۲ .
ولما فرغ من تأليفه سنة (۶۴۹ ه) أنفذه على يد أخيه موفق الدين أبي المعالي أحمد إلى الوزير ابن العلقمي ، فبعث إليه الوزير بمئة ألف وخلعة سنيّة من الملابس ، وفرس عربي أصيل ، فشكره ابن أبي الحديد وكتب إليه هذه القصيدة ۳ :
أيا ربَّ العباد رَفَعْتَ ضَبْعِيوطُلْتَ بمنكبي وبللتَ ريقي
وزيغَ الأشعريّ كشفت عنّيفلم أسلُك بُنَيَّاتِ الطَّريقِ
أحبُّ الإعتزالَ وناصريهِذَوِي الألبابِ والنَّظَرِ الدقيقِ
فأهلُ العدلِ والتوحيدِ أهليونعم فريقهمْ أبداً فَريقي
وشرح النهج لم اُدْرِكْهُ إلاّبعَونِكَ بعدَ مَجْهَدَةٍ وضِيقِ
تَمثَّلُ إذ بدَأت به لعينيهُناكَ كذِرْوَةِ الطَّود السَّحيقِ
فتَمَّ بحُسنِ عونكَ وهو أنأىمن العيُّوقِ أو بيض الاَنُوقِ
بآل العلقميِّ ورت زناديوقامَت بين أهل الفضل سُوقِي
فكم ثوبٍ أنيقٍ نلتُ منهُمونلتُ بهم وكم طِرْفٍ عتِيقِ
أدامَ اللّهُ دَوْلَتُهم وأنحىعلى أعدائِهِم بالحنْفَقِيقِ ۴
1.شرح النهج ، ابن أبي الحديد ۲۰/۹۳ ، ۱۸۰ .
2.شرح النهج ، ۱/۴ ـ ۵ .
3.الحوادث ، ابن الغوطي ، ص۲۰۹ ، ۲۷۷ ، ۲۲۸ ؛ الكشكول ، البحراني ۲/۱۱۶ ؛ روضات الجنات ، الخوانساري ۵/۲۱ .
4.شرح النهج ۱/۱۰ ، ۱۱ المقدمة .