ونقيضه . وأمّا قوله : « ولا يخالف بصاحبه عن اللّه » ؛ فهو أ نّه لا يأخذ بالإنسان المعتمد عليه إلى غيرِ اللّه ، أي لا يهديه إلاّ إلى جناب الحقّ سبحانه ؛ ولا يعرُج به إلى جناب الشيطان ، يقال : خالفتُ بفلان عن فلان ، إذا أخذت به غير نحوه ، وسلكت به غير جهته .
فأمّا قوله : « قد اصطلحتم عَلَى الغِلّ » إلى آخر الفصل ، فكلامٌ مقطوع أيضاً عَمّا قبله . والغِلّ : الحِقْد . والدِّمَن : جمع دِمْنة ؛ وهي الحقد أيضاً ، وقد دمِنت قلوبهم بالكسر ، أي ضغِنت . ونبت المرعى عليها ، أي دامت وطال الزمان عليها ؛ حتى صارت بمنزلة الأرض الجامدة الثابتة الّتي تنبت النبات . ويجوز أن يريدَ بالدّمَن هاهنا جمع دِمْن وهو البَعْر المجتمع كالمزبلة ؛ أو جمع دِمْنة وهي آثار الناس وما سوّدوا من الأرض ؛ يقال : قد دمّن الشاء الماء ، وقد دمّن القوم الأرض ؛ فشبّه ما في قلوبهم من الغلّ والحِقْد والضغائن بالمزبلة المجتمعة من البعْر وغيره ؛ من سُقَاطة الديار التي قد طال مكثها حتى نبت عليها المرعى . قوله عليه السلام : « لقد استهام بكم الخبيث » ، يعني الشيطان . واستهام بكم : جعلكم هائمين ، أي استهامكم فعدّاه بحرف الجرّ ، كما تقول في « استنفرتُ القوم إلى الحرب » استنفرتُ بهم ، أي جعلتهم نافرين . ويمكن أن يكون بمعنى الطلب والاستدعاء ، كقولك : استعلمتُ منه حال كذا ، أي استدعيت منه أن يعلمِني ، فيكون قوله : « واستهام بكم الخبيث » ، أي استدعى منكم أن تهيموا وتقعوا في التِّيه والضلال والحيرة . قوله « وتاه بكم الغَرور » ، هو الشيطان أيضاً ، قال سبحانه : « وَغَرَّكُمْ باللّهِ الْغَرُورُ » ۱ . وتاه بكم : جعلكم تائهين حائرين . ثم سأل اللّه أن يعينه على نفسِه وعليهم .
۱۳۴
الأصْلُ :
۰.ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزو الروموَقَدْ تَوَكَّلَ اللّهُ لِأَهْلِ هذَا الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ . وَالَّذِي نَصَرَهُمْ ،