الأصْلُ :
۰.منها :وَإِنَّمَا الدُّنْيَا مَنْتَهَى بَصَرِ الْأَعْمَى ، لاَ يُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيْئاً ، وَالْبَصِيرُ يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا . فَالبَصِيرُ مِنْهَا شَاخِصٌ ، وَالْأَعْمَى إِلَيْهَا شَاخِصٌ ، وَالْبَصِيرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ ، وَالْأَعْمَى لَهَا مُتَزَوِّدٌ .
الشّرْحُ :
شَبّه الدنيا وما بعدها بما يتصوّره الأعمى ، من الظُّلمة التي يتخيّلها ؛ وكأنها محسوسة له ؛ وليست بمحسوسة على الحقيقة ؛ وإنما هي عدم الضَّوْء ، كمن يطلع في جبّ ضيق ، فيتخيّل ظلاما ، فإنه لم ير شيئا ، ولكن لَمّا عدم الضوء فلم ينفذ البصر تخيّل أنه يرى الظلمة ؛ فأمّا من يرى المبصرات في الضياء ، فإنّ بصره ينفذ فيشاهد المحسوسات يقينا ؛ وهذه حال الدنيا والآخرة ؛ أهلُ الدنيا منتَهى بصرهم دنياهم ، ويظنّون أنّهم يبصرون شيئا وليسوا بمبصرين على الحقيقة ، ولا حواسّهم نافذَة في شيء ، وأهل الآخرة قد نفذت أبصارهم ، فرأوا الآخرة ، ولم يقف إحساسهم على الدّنيا خاصّة ، فأولئك هم أصحاب الأبصار على الحقيقة ؛ وهذا معنى شريف من معاني أصحاب الطريقة والحقيقة ، وإليه الإشارة بقوله سبحانه : « أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا » ۱ ، فأمّا قوله : « فالبصير منها شاخص ، والأعمى إليها شاخص » ، فمن مستحسَن التجنيس ؛ وهذا هو الذي يسمّيه أرباب الصناعة الجناس التام ؛ فالشاخص الأوّل الراحل ، والشاخص الثاني ، من شَخَص بصرُه ، بالفتح ، إذا فتح عينَه نحو الشيء مقابلاً له ؛ وجعل لا يطرف .
الأصْلُ :
۰.منها :وَاعْلَمُوا أ نَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ وَيَكَادُ صَاحِبُهُ يَشْبَعُ مِنْهُ وَيَمَلُّهُ إِلاَّ الْحَيَاةَ فَإِنَّهُ لاَ