بطنت الأمر ، أي خبرته . وتكِنّ الصدور : تستر ، وما تخون العيون : ما تسترِقُ من اللحظات والرمزات على غير الوجه الشرعيّ . والنَّجِيب : المنتجَب . والبعيث : المبعوث .
الأصْلُ :
۰.منها :فَإِنَّهُ وَاللّهِ الْجِدُّ لاَ اللَّعِبُ ، وَالْحَقُّ لاَ الْكَذِبُ . وَمَا هُوَ إِلاَّ الْمَوْتُ قَد أَسْمَعَ دَاعِيهِ ، وَأَعْجَلَ حَادِيهِ . فَـلاَ يَغُرَّنَّكَ سَوَادُ النَّاس مِنْ نَفْسِكَ ، وَقَدْ رَأَيْتَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِمَّنْ جَمَعَ الْمَالَ وَحَذِرَ الاْءِقْـلاَلَ ، وَأَمِنَ الْعَوَاقِبَ ـ طُولَ أَمَلٍ وَاسْتِبْعَادَ أَجَلٍ ـ كَيْفَ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَأَزْعَجَهُ عَنْ وَطَنِهِ ، وَأَخَذَهُ مِنْ مَأْمَنِهِ ، مَحْمُولاً عَلَى أَعْوَادِ الْمَنَايَا ، يَتَعَاطَى بِهِ الرِّجَالُ الرِّجَالَ ، حَمْلاً عَلَى الْمَنَاكِبِ ، وَإِمْسَاكاً بِالأنَامِلِ .
أَمَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَأْمُلُونَ بَعِيداً ، وَيَبْنُونَ مَشِيداً ، وَيَجْمَعُونَ كَثِيراً ! كَيْفَ أَصْبَحَتْ بُيُوتُهُمْ قُبُوراً ، وَمَا جَمَعُوا بُوراً ، وَصَارَتْ أَمْوَالُهُمْ لِلْوَارِثِينَ ، وَأَزْوَاجُهُمْ لِقَوْمٍ آخَرِينَ ، لاَ فِي حَسَنَةٍ يَزِيْدُونَ ، وَلاَ مِنْ سَيّـئَةٍ يُسْتَعْتَبُونَ .
فَمَنْ أَشْعَرَ التَّقْوَى قَلْبَهُ بَرَّزَ مَهَلُهُ ، وَفَازَ عَمَلُهُ . فَاهْتَبِلُوا هَبَلَهَا ، وَاعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا ، فَإِنَّ الدُّنْيَا لَمْ تُخْلَقْ لَكُمْ دَارَ مُقَامٍ ، بَلْ خُلِقَتْ لَكُمْ مَجَازاً لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا الأَعْمَالَ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ . فَكُونُوا مِنْهَا عَلَى أَوْفَازٍ . وَقَرِّبُوا الظُّهُورَ لِلزِّيَالِ .
الشّرْحُ :
قوله عليه السلام : « فإنّه واللّه الجِدّ » ، الضمير للأمر والشأن الّذي خاض معهم في ذكره ووعظهم بنزوله . ثم أوضحه بعد إجماله ، فقال : إنّه الموتُ الّذِي دعا فأسْمع ، وحدا فأعجل . وسواد الناس : عامّتهم . و « من » هاهنا ، إمّا بمعنى الباء ، أي لا يغرّنك الناس بنفسك وصحتك وشبابك ، فتستبعد الموت اغترار بذلك ، فتكون متعلّقة بالظاهر ، وإمّا أن تكون متعلّقة بمحذوف ، تقديره : متمكناً من نفسك وراكناً إليها . والإقلال : الفقر . وطول أملٍ ،