الحديد ، وهدفه من تأليفه هذا ، فقد كان يقصد المصادمة والرد على عقائد مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وربما يطعن فيها بشكل يجرح العواطف ، ويثير الأحقاد ، ويفرّق الكلمة ، ويحاول أن ينتصر في موارد كثيرة لأهل السنة ، وكثيراً ما كان يصرف الألفاظ ويؤوّل العبارات التي تثبت حقانية الإمام وتؤكد مظلوميته ، عن ظواهرها بلا صارف واضح ، تأييداً لمذهب أصحابه ، وقد صرّح بذلك مراراً « فإنّا لم نترك موضعاً يوهم خلاف مذهبنا إلاّ أوضحناه وفسّرناه على وجه يوافق الحقّ » ]شرح النهج ۲۰/۳۵ ] . كما كان يذهب إلى صحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل . ويدعي أن أصحابه هم الشيعة حقّاً ، وأنّ فهمه وفهم أصحابه للتشيع هو الفهم الصحيح ، والمعتزلة هم أصحابه وهم الشيعة وهم الفرقة الناجية دون سواهم .
منهجيته في تأليف شرح النهج :
ألف ابن أبي الحديد كتابه « شرح نهج البلاغة » لمؤيد الدين محمّد بن أحمد العلقمي الأسدي الحلي (۶۵۶ ه) ، وزير المستعصم باللّه (۶۵۶ ه) .
وقد كان ابن العلقمي قد أسس مكتبة عامة في بغداد سنة (۶۴۴ ه) ۱ ، وانتدب العلماء إلى إهداء مؤلفاتهم إليها ، أو التأليف لها ، وقد ندب ابن أبي الحديد إلى شرح (نهج البلاغة) ، فشرحه في عشرين جزءاً ، هي هذه التي بأيدي الناس اليوم ، وقد شرع بتأليفه في غرّة رجب (۶۴۴ ه) حتى سلخ صفر (۶۴۹ ه) ، وهي أربع سنوات وثمانية أشهر ، إنّها مدة خلافة أمير المؤمنين علي عليه السلام ، ولا شك أنّ هذا الشرح هو أفضل الشروح وأوسعها بسبب طاقة الشارح وعلمه وأدبه وتنوع ثقافته ، وهو يعد بحق موسوعة تاريخية أدبية ثقافية عقائدية كبيرة متشعّبة الفوائد والموضوعات ، فخرج الكتاب « كتاباً كاملاً في فنّه ، واحداً بين أبناء جنسه ، ممتعاً بمحاسنه ، جليلة فوائده ، شريفة مقاصده ، عظيماً شأنه ، عالية منزلته ومكانه » ۲ .
ويمكن الكشف عن محاور أربعة مهمة في هذه الموسوعة حاول ابن أبي الحديد أن