سَمِيرٌ ، وَمَا أَمَّ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً ! لَوْ كَانَ الْمَالُ لِي لَسَوَّيْتُ بَيْنَهُمْ ، فَكَيْفَ وَإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللّهِ!
۰.ثم قال عليه السلام :أَلاَ وَإِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ تَبْذِيرٌ وَإِسْرَافٌ ، وَهُوَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا وَيَضَعُهُ فِي الآخِرَةِ ، وَيُكْرِمُهُ فِي النَّاس وَيُهِينُهُ عِنْدَ اللّهِ . وَلَمْ يَضَعِ امْرُؤ مَالَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَعِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ إِلاَّ حَرَمَهُ اللّهُ شُكْرَهُمْ وَكَانَ لِغَيْرِهِ وُدُّهُمْ . فَإِنْ زَلَّتْ بِهِ النَّعْلُ يَوْماً فَاحْتَاجَ إِلَى مَعُونَتِهِمْ فَشَرُّ خَلِيلٍ وَأَلْأَمُ خَدِينٍ .
الشّرْحُ :
أصل « تأمرونّي » : تأمرونني ، بنونين ، فأسكن الأُولى وأدغم ، قال تعالى : « أَفَغَيْرَ اللّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ » ۱ .
ولا أطور به : لا أقرّ به ، ولا تَطُرْ حَوْلَنا ، أي لا تقرب ما حولنا ، وأصله من طَوار الدار ، وهو ما كان ممتدا معها من الفناء . وقوله : « ما سمر سمِير » يعني الدهر ، أي ما أقام الدهر وما بقي ، والأشهر في المثل : « ما سمر ابنا سمير » ، قالوا : السمير الدهر ، وابناه الليل والنهار ؛ وقيل : ابنا سمير الليل والنهار ، لأ نّه يُسمَر فيهما ، ويقولون : لا أفعله السَّمَر والقمر ، أي ما دام الناس يسمرون في ليلة قمْراء ، ولا أفعله سميرَ الليالي ، أي أبداً . قوله : « وما أمّ نجم في السماء نجماً » ، أي قصد وتقدّم ؛ لأنّ النجوم تتبع بعضها بعضاً ، فلا بدّ فيها من تقدّم وتأخر ، فلا يزال النجم يقصد نجماً غيره ، ولا يزال النجم يتقدّم نجماً غيره . والخدين : الصديق ، يقول عليه السلام : كيف تأمرونني أنْ أطلب النصر من اللّه بأن أجور على قوم ولّيت عليهم ! يعني الذين لا سوابق لهم ولا شرف ، وكان عُمَر ينقصهم في العطاء عن غيرهم .
ثم قال عليه السلام : لو كان المال لي وأنا أُفرّقه بينهم لسوّيت ، فكيف وإنما هو مال اللّه وفيئه ؟! ثم ذكر أنّ إعطاء المال في غير حقّه تبذير وإسراف ، وقد نهى اللّه عنه وأنه يرفع صاحبه عند الناس ، ويضعه عند اللّه ، وأنه لم يسلك أحد هذه المسلك إلاّ حرمه اللّه ودّ الذين يتحبّب إليهم