ويروى : « والذلّ اللاذم » بالذال المعجمة ، وهو بمعنى اللازم أيضا ، لذِمْتُ المكان بالكسر ، أي لزمته . ثم ذكر أنّ الفِرار لا يزيد في العُمْر . ثم قال لهم : أيُّكم يروح إلى اللّه فيكون كالظمآن يرد الماء . ثم قال : الجنّة تحت أطراف العوالى ، وهذا من قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم . « الجنّة تحت ظلال السيوف » ۱ . ثم قال : « اليوم تُبْلَى الأخبار » ، هذا من قول اللّه تعالى : « وَنَبْلُوَ أخْبَارَكُمْ » ۲ ، أي نختبر أفعالكم .
ثم دعا على أهل الشام ، إن ردّوا الحق بأن يفضّ اللّه جماعتهم ، أي يهزمهم . ويشتّت ، أي يفرّق كلمتهم . وأن يُبسلهم بخطاياهم ، أي يسلمهم لأجل خطاياهم التي اقترفوها ولا ينصرهم . أبسلت فلانا ، إذا أسلمته إلى الهلكة ، فهو مبسَل ، قال تعالى : « أنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ » ، أي تُسلم ، وقال : « أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا » ۳ ، أي أسلموا للهلاك لأجل ما اكتسبوه من الإثم ، وهذه الألفاظ كلّها لا يتلو بعضها بعضاً ، وإنما هي منتزَعة من كلام طويل ، انتزعها الرضيّ ؛ واطّرح ما عداها .
الأصْلُ :
۰.إِنَّهُمْ لَنْ يَزُولُوا عَنْ مَوَاقِفِهمْ دُونَ طَعْنٍ دِرَاكٍ يَخْرُجُ مِنْهُ النَّسِيمُ ، وَضَرْبٍ يَفْلِقُ الْهَامَ ، وَيُطِيحُ الْعِظَامَ ، وَيُنْدِرُ السَّوَاعِدَ وَالْأَقْدَامَ ، وَحَتَّى يُرْمَوْا بِالْمَنَاسِرِ تَتْبَعُهَا الْمَنَاسِرُ ، وَيُرْجَمُوا بِالْكَتَائِبِ ، تَقْفُوهَا الْحَلاَئِبُ ، وَحَتَّى يُجَرَّ بِبِلاَدِهِمُ الْخَمِيسُ يَتْلُوهُ الْخَمِيسُ ، وَحَتَّى تَدْعَقَ الْخُيُولُ فِي نَوَاحِرِ أَرْضِهِمْ ، وَبِأَعْنَانِ مَسَارِبِهِمْ وَمَسَارِحِهِمْ .
قال الشريف الرضي رحمه الله :
الدّعْقُ : الدّقُّ ، أيْ تَدُقُّ الخُيُولُ بحَوَافِرِهَا أرْضهُمْ . وَنَوَاحِرُ أرْضهِمْ : مُتَقَابِلاتهَا . وَيُقَالُ : مَنَازِلُ بَني فُلانٍ تتَنَاحَرُ ، أيْ تَتَقَابَلُ .