حِفَافَيْهَا ، وَوَرَاءَهَا ، وَأَمَامَهَا؛ لاَ يَتَأَخَّرُونَ عَنْهَا فَيُسْلِمُوهَا ، وَلاَ يَتَقَدَّمُونَ عَلَيْهَا فَيُفْرِدُوهَا .
الشّرْحُ :
الدارع : لابس الدِّرْع ، والحاسر : الذي لا دِرْع عليه ولا مِغْفَر . أمرَهم عليه السلام بتقديم المستلئِم على غير المستلئِم ؛ لأنّ سوْرة الحرب وشدّتها تلقي وتصادف الأوّل فالأوّل ؛ فواجب أن يكون أوّل القوم مستلئماً ، وأن يعضّوا على الأضراس ، وقد تقدم شرح هذا ، وقلنا : إنه يجوز أن يبدَؤوهم بالحنَق والجدّ ، ويجوز أن يريد أنّ العضّ على الأضراس يشدّ شؤون الدماغ ورباطته ، فلا يبلغ السيف منه مبلغه لو صادفه رِخْوا . وأمرهم بأن يلتووا إذا طعنوا ؛ لأنهم إذا فعلوا ذلك ، فبالحرَي أن يمورَ السِّنان ، أيْ يتحرّك عن موضع الطعنة ، فيخرج زالقاً ، وإذا لم يلتووا لم يمرّ السّنان ، ولم يتحرّك عن موضعه فيخرق وينفذ ، فيقتل .
وأمرهم بغضّ الأبصار في الحرب ، فإنه أربَطُ للجأش ، أي أثبت للقلب ؛ لأنّ الغاضّ بصرَه في الحرب أحْرَى ألاّ يدهش ولا يرتاع لهوْل ما ينظر .
وأمرهم بإماتة الأصوات وإخفائها ، فإنه أطرد للفشل ، وهو الجبن والخوف ؛ وذلك لأنّ الجبان يرعد ويبرُق ، والشجاع صامت .
وأمرهم بحفظ رايتهم ألاّ يميلوها ، فإنّها إذا مالت انكسر العسكر ؛ لأنهم إنما ينظرون إليها وألاّ يُخلُّوها من محامٍ عنها ، وألاّ يجعلوها بأيدي الجبناء وذوي الهَلع منهم ، كي لا يَخِيموا ويجبنوا عن إمساكها .
والذِّمار : ما وراء الرجل مما يحقّ عليه أن يحميَه ، وسمّي ذِماراً ؛ لأ نّه يجب على أهله التذمّر له ، أي الغضب . والحقائق : جمع حاقّة ؛ وهي الأمر الصعب الشديد ؛ ومنه قول اللّه تعالى : « الحاقّة ما الحاقّة » ، يعني الساعة . ويكتنفونها : يحيطون بها . وحِفَافيْها : جانباها .
الأصْلُ :
۰.أَجْزَأَ امْرُؤ قِرْنَهُ ، وَآسَى أَخَاهُ بِنَفْسِهِ ، وَلَمْ يَكِلْ قِرْنَهُ إِلَى أَخِيهِ فَيَجْتَمِعَ عَلَيْهِ قِرْنُهُ وَقِرْنُ أَخِيهِ . وَايْمُ اللّه لَئِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ سَيْفِ الْعَاجِلَةِ ، لاَ تَسْلَمُوا مِنْ سَيْفِ الآخِرَةِ ،