وغلام ثقيف المشار إليه ، هو الحجّاج بن يوسف . والذيّال : التائه ، وأصله من « ذال » أي تبختر ، وجرّ ذيله على الأرض . والميّال : الظالم . ويأكل خَضِرَتكم : يستأصل أموالكم . ويذيب شحمتكم مثله ، وكلتا اللفظتين استعارة . ثم قال له كالمخاطب لإنسان حاضر بين يديه : « إيهٍ أبا وَذَحه » ، إيه : كلمة يُستزاد بها من الفعل ، تقديره : زِدْ وهات أيضا ما عندك ، وضدّها إيها ، أي كفّ وأمسك .
فلما كان أمير المؤمنين عليه السلام يعلمُ مِن حال الحجاج نجاسته بالمعاصي والذنوب ؛ التي لو شوهدت بالبصر لكانت بمنزلة البعر الملتصِق بشعر الشاء ، كنّاه « أبو وذَحَة » . ويمكن أيضا أن يكنّيه بذلك لدمامته في نفسه ، وحقارة منظره ، وتشويه خلقته ، فإنه كان قصيرا دميماً نحيفاً ، أخفشَ العينين معوجّ الساقين ، قصير الساعدين ، مجدورَ الوجه ، أصلع الرأس ، فكنّاه بأحقر الأشياء ، وهو البعرة .
۱۱۶
الأصْلُ :
۰.ومن كلام له عليه السلامفَـلاَ أَمْوَالَ بَذَلتمُوهَا لِلَّذِي رَزَقَهَا ، وَلاَ أَنْفُسَ خَاطَرْتُمْ بِهَا لِلَّذِي خَلَقَهَا . تَكْرُمُونَ بِاللّه عَلَى عِبَادِهِ ، وَلاَ تُكْرِمُونَ اللّهَ فِي عِبَادِهِ!
فَاعْتَبِرُوا بِنُزُولِكُمْ مَنَازِلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، وَانْقِطَاعِكُمْ عَنْ أَوْصَلِ إِخْوَانِكُمْ!
الشّرْحُ :
انتصاب « الأموال » بفعل مقدّر دلّ عليه « بذلتموها » وكذلك « أنفس » ، يقول : لم تبذلوا أموالكُم في رضَا من رزقكم إياها ، ولم تخاطروا بأنفسكم في رضا الخالق لها ، والأوْلَى بكم أن تبذُلوا المالَ في رضا رازِقه ، والنفْس في رضا خالقها ؛ لأ نّه ليس أحَدٌ أحقّ منه بالمال والنفس وبذلهما في رضاه . ثم قال : من العجب أنّكم تطلبون من عباد اللّه أن يكرموكم