اللَّهُمَّ خَرَجْنَا إِلَيْكَ حِينَ اعْتَكَرَتْ عَلَيْنَا حَدَابِيرُ السِّنِينَ ، وَأَخْلَفَتْنَا مَخَايِلُ الْجُودِ ؛ فَكُنْتَ الرَّجَاءَ لِلْمُبْتَـئِس ، وَالْبَلاَغَ لِلْمُلْتَمِس . نَدْعُوكَ حِينَ قَنَطَ الأنَامُ ، وَمُنِعَ الْغَمَامُ ، وَهَلَكَ الْسَّوَامُ أَلاَّ تُؤاخِذَنَا بَأَعْمَالِنَا ، وَلاَ تَأْخُذَنَا بِذُنُوبِنَا . وَانْشُرْ عَلَيْنَا رَحْمَتَكَ بِالسَّحَابِ الْمُنْبَعِقِ ، وَالرَّبِيعِ الْمُغْدِقِ ، وَالنَّبَاتِ الْمُونِقِ ، سَحّاً وَابِلاً تُحْيِي بِهِ مَا قَدْ مَاتَ وَتَرُدُّ بِهِ مَا قَدْ فَاتَ .
اللَّهُمَّ سُقْيَا مِنْكَ مُحْيِيَةً مُرْوِيَةً ، تَامَّةً عَامَّةً ، طَيِّبَةً مُبَارَكَةً ، هَنِيئَةً مَرِيئَةً مَرِيعَةً ، زَاكِياً نَبْتُهَا ، ثَامِراً فَرْعُهَا ، نَاضِراً وَرَقُهَا ، تُنْعِشُ بِهَا الضَّعِيفَ مِنْ عِبَادِكَ ، وَتُحْيِي بِهَا الْمَيِّتَ مِنْ بِلاَدِكَ!
اللَّهُمَّ سُقْيَا مِنْكَ تُعْشِبُ بِهَا نِجَادُنَا ، وَتَجْرِي بِهَا وِهَادُنَا ، وَيُخْصِبُ بِهَا جَنَابُنَا وَتُقْبِلُ بِهَا ثِمَارُنَا وَتَعِيشُ بِهَا مَوَاشِينَا ، وَتَنْدَى بِهَا أَقَاصِينَا ، وَتَسْتَعِينُ بِهَا ضَوَاحِينَا ، مِنْ بَرَكَاتِكَ الْوَاسِعَةِ ، وَعَطَايَاكَ الْجَزِيلَةِ ، عَلَى بَرِيَّتِكَ الْمُرْمِلَةِ ، وَوَحْشِكَ الْمُهْمَلَةِ . وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا سَمَاءً مُخْضِلَةً ، مِدْرَاراً هَاطِلَةً ، يُدَافِعُ الْوَدْقُ مِنْهَا الْوَدْقَ ، وَيَحْفِزُ الْقَطْرُ مِنْهَا الْقَطْرَ ، غَيْرَ خُلَّبٍ بَرْقُهَا ، وَلاَ جَهَامٍ عَارِضُهَا ، وَلاَ قَزَعٍ رَبَابُهَا ، وَلاَ شَفَّانٍ ذِهَابُهَا ، حَتَّى يُخْصِبَ لاِءِمْرَاعِهَا الُْمجْدِبُونَ ، وَيَحْيَا بِبَرَكَتِهَا المُسْنِتُونَ ، فَإِنَّكَ تُنْزِلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا ، وَتَنْشُرُ رَحْمَتَكَ وَأَنْتَ الْوَلِيُّ الْحَميدُ .
۰.قال الشريف الرضي رحمه اللّه تعالى :قوله عليه السلام : «انْصَاحَتْ جِبَالُنَا» ، أي تَشَقّقَتْ مِنَ المحُولِ ، يُقَالُ : انْصَاحَ الثّوْبُ إذَا انْشَقّ . وَيُقَالُ أيْضاً : انْصَاحَ النّبْتُ وَصَاحَ وَصَوّحَ إذَا جَفّ وَيَبِسَ ؛ كُلّهُ بمَعْنىً .
وَقَوْلُهُ : «وَهَامَتْ دَوَابّنَا» ، أيْ عَطِشَتْ ، وَالهُيَامُ : الْعَطَشُ .
وَقَوْلُهُ : «حَدَابِيرُ السّنِينَ» جمع حِدبار ، وهي الناقَة التي أنضاها السّيرُ ، فشبّه بها السنة التي فشا فِيهَا الجَدْبُ ، قَالَ ذو الرّمّةِ :
حَدَابِيـرُ مَـا تَنْفَـكُّ إلاّ مُنَاخَـةًعَلى الْخَسْفِ أوْ نَرْمِي بِهَا بَلَداً قَفْرَا
وَقَوْلُهُ «وَلاَ قَزَعٍ رَبَابهَا» ، الْقَزَعُ : الْقِطَعُ الصّغَارُ الْمُتَفَرّقَةُ مِنَ السَّحَابِ .