۱۱۱
الأصْلُ :
۰.ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها ملك الموت وتوفّيه الأنفسهَلْ يُحَسُّ بِهِ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلاً ؟ أَمْ هَلْ تَرَاهُ إِذَا تَوَفَّى أَحَداً ؟ بَلْ كَيْفَ يَتَوَفَّى الْجَنِينَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ؟! أَيَلِجُ عَلَيْهِ مِنْ بَعْض جَوَارِحِهَا ؟ أَمِ الرُّوحُ أَجَابَتْهُ بِإِذْنِ رَبِّهَا ؟ أَمْ هُوَ سَاكِنٌ مَعَهُ فِي أَحْشَائِهَا!
كَيْفَ يَصِفُ إِلهَهُ مَنْ يَعْجَزُ عَنْ صِفَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ!
الشّرْحُ :
المَلك أصله « مألَك » بالهمز ، ووزنه « مفعل » والميم زائدة ؛ لأ نّه من الألوكة والأُلوك ، وهي الرسالة ، ثم قلبت الكلمة وقدمت اللام فقيل ملأك . ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال ، فقيل : « مَلَك » ، فلما جمع ردت الهمزة إليه ، فقالوا : ملائكة وملائك . والتوفّي : الإماتة وقبض الأرواح ، قال اللّه تعالى : « اللّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا » ۱ .
والتقسيم الذي قسّمه في وفاة الجنين حاصر ؛ لأ نّه مع فرضنا إيَّاه جسماً يقبض الأرواح التي في الأجسام ، إمّا أن يكون مع الجنين في جوف أُمّه فيقبض روحَه عند حضور أجله ، أو خارجاً عنها . والقسم الثاني ينقسم قسمين : أحدهما أن يَلِجَ جوف أُمّه لقبْض روحه فيقبضها ، والثاني أن يقبضَها من غير حاجة إلى الولوج إلى جوفها ؛ وذلك بأن تطيعه الرُّوح وتكون مسخّرة إذا أراد قبضها امتدّت إليه فقبضها . وهذه القسمة لا يمكن الزيادة عليها ، ولو قسمها واضع المنطق لما زاد .
ثم خرج إلى أمر آخرَ أعظم وأشرف مما ابتدأ به ، فقال : « كيف يصف إلهه مَنْ يعجز عن وصف مخلوق مثله » ! وإلى هذا الغرض كان يترامَى ، وإياه كان يقصد ؛ وإنما مهّد حديث الملك والجنين توطئة لهذا المعنى الشريف ، والسرّ الدقيق .