قوله : « نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ » ۱ .
ثم ذكر أن العالم الذي لا يعمل بعلمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله . ثم قال : « بل الحجّة عليه أعظم » ؛ لأ نّه يعلم الحقّ ولا يعمل به ، فالحجّة عليه أعظم من الحجّة على الجاهل ، وإن كانا جميعا محجوجَيْن ، أما أحدُهما فبِعلمه ، وأما الآخر فبتمكُّنه من أن يعلم . ثم قال : « والحسرة له ألزم » ؛ لأ نّه عند الموت يتأسّف ألاَّ يكون عمِل بما علم ، والجاهل لا يأسَف ذلك الأسف . ثم قال : « وهو عند اللّه ألوم » ، أي أحقّ أن يلام ؛ لأنّ المتمكّن عالم بالقوة ، وهذا عالم بالفعل ، فاستحقاقه اللوم والعقاب أشدّ .
۱۱۰
الأصْلُ :
۰.ومن خطبة له عليه السلامأَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا ، فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ ، وَتَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ ، وَرَاقَتْ بِالْقَلِيلِ ، وَتَحَلَّتْ بِالآمَالِ ، وَتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ . لاَ تَدُومُ حَبْرَتُهَا ، وَلاَ تُؤمَنُ فَجْعَتُهَا . غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ ، حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ ، نَافِدَةٌ بَائِدَةٌ ، أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ . لاَ تَعْدُو ـ إِذَا تَنَاهَتْ إِلَى أُمْنِيَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِيهَا وَالرِّضَاءِ بِهَا - أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللّهُ تَعَالَى : « كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْض فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً » ۲ .
لَمْ يَكُنِ امْرُو مِنْهَا فِي حَبْرَةٍ إِلاَّ أَعْقَبَتْهُ بَعْدَهَا عَبْرَةً ؛ وَلَمْ يَلْقَ مِنْ سَرَّائِهَا بَطْناً ، إِلاَّ مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً ؛ وَلَمْ تَطُلَّهُ فِيهَا دِيمَةُ رَخَاءٍ ، إِلاَّ هَتَنَتْ عَلَيهِ مُزْنَةُ بَلاَءٍ !