وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ ، وَأَحْسِنُوا تِلاَوَتَهُ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ الْقَصَص . وَإِنَّ الْعَالِمَ الْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ الَّذِي لاَ يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِهِ؛ بَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ، وَالْحَسْرَةُ لَهُ أَلْزَمُ ، وَهُوَ عِنْدَ اللّهِ ألوَمُ .
الشّرْحُ :
ذَكَر عليه السلام ثمانية أشياء ، كلٌّ منها واجب .
أولها : الإيمان باللّه وبرسوله ؛ ويعني بالإيمان هاهنا مجرد التصديق بالقلب ، مع قَطْع النظر عما عدَا ذلك من التلفّظ بالشهادة ، ومن الأعمال الواجبة ، وترك القبائح . وقد ذهب إلى أن ماهيّة الإيمان هو مجرد التصديق القلْبيّ جماعة من المتكلمين ۱ ، ومجيئه عليه السلام به على أصل الوضع اللغويّ لا يبطل مذهبنا في مسمّى الإيمان ؛ لأنا نذهب إلى أنّ الشرع استجدّ لهذه اللفظة مسمىًّ ثانياً ، كما نذهب إليه في الصلاة والزكاة وغيرهما .
وثانيها : الجهاد في سبيل اللّه ، وإنما قدّمه على التلفّظ بكلمتَي الشهادة ؛ لأ نّه من باب دفع الضّرر عن النفس ، ودفع الضّرر عن النفس مقدّم على سائر الأعمال المتعلّقة بالجوارح ، وإنما جعله ذِرْوة الإسلام ، أي أعلاه ؛ لأ نّه ما لم تتحصّن دار الإسلام بالجهاد ، لا يتمكّن المسلمون من القيام بوظائف الاسلام ؛ فكان إذا من الإسلام بمنزلة الرأس من البدن .
وثالثها : كلمة الإخلاص ؛ يعني شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وشهادة أنّ محمدا رسول اللّه ، قال : فإنها الفطرة ؛ يعني هي التي فطر الناس عليها ، والأصل الكلمة الأُولى ؛ لأنها التوحيد ، وعليها فطِر البشرُ كلّهم ، والكلمة الثانية تَبَعٌ لها فأجريت مجراها ، وإنما أُخّرت هذه الخصلة عن الجهاد ؛ لأنّ الجهاد هو كان السبب في إظهار الناس لها ونطقهم بها ؛ فصار كالأصل بالنسبة إليها .
ورابعها : إقام الصلاة ، أي إدامتها ، والأصل « أقام إقواماً » ، فحذفوا عين الفعل ، وتارة يعوّضون عن العين المفتوحة هاء ، فيقولون : « إقامة » . قال : فإنها الملة ، وهذا مثل قول النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : « الصّلاة عماد الدين ، فمن تركها فقد هَدَم الدين » ۲ .